للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمةً لكم غير نَسْيان فلا تبحثوا عنها" (١)، وهذا الخطاب كما يعمّ أَوَّلُه للصحابة ولمن بعدهم فهكذا آخره؛ فلا يجوز أن نبحث


(١) رواه الطبراني في "الكبير" (٢٢/ ٥٨٩)، والدارقطني في "سننه" (٤/ ١٨٣ - ١٨٤)، وأبو نعيم في "الحلية" (١٧/ ٩)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (٩/ ٢)، والبيهقي في "سننه الكبرى" (١٠/ ١٢ - ١٣)، وابن بطة في "الإبانة" (رقم ٣١٤)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (٢/ ١٠٤٥/ رقم ٢٠١٢)، وأبو الفتوح الطائي في "الأربعين" (رقم ١٦) -ومن طريقه الذهبي في "السير" (١٧/ ٦٢٥) - من طرق عن داود بن أبي هند عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشني.
والحديث له علتان كما ذكر الحافظ ابن رجب في "شرحه على الأربعين النووية" وهما:
الأولى: أن مكحولًا لم يصح له سماع من أبي ثعلبة، كما قال أبو مسهر الدمشقي، وأبو نعيم الحافظ، ثم هو مدلس، وقد عنعن.
الثانية: أنه اختلف في رفعه ووقفه، فقد رواه البيهقي (١٠/ ١٢) من طريق حفص عن داود موقوفًا.
وروي عن مكحول قوله -أيضًا -كما قال الحافظ الدارقطني في "العلل" (١١٧٠) ثم قال: "والأشبه بالصواب مرفوعًا وهو أشهر"، وقد حسن الحديث النووي، وأبو بكر السمعاني في "أماليه" كما قال ابن رجب، وأبو الفتوح الطائي، قال في "أربعينه" (ص ١٠٨): "هذا حديث كبير عال حسن، من حديث مكحول الشامي عن أبي ثعلبة الخشني. تفرد به داود بن أبي هند عن مكحول"، وقال الهيثمي (١/ ١١٧): "ورجاله رجال الصحيح".
لكن تبقى فيه علة الانقطاع بين مكحول وأبي ثعلبة.
وله شاهد من حديث أبي الدرداء بلفظ: "ما أحل اللَّه في كتابه فهو حلال، وما حرمه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو. . . ".
رواه الدارقطني (٢/ ١٣٧)، والبزار (١٢٣)، و (٢٢٣١)، و (٢٨٥٥)، والحاكم (٢/ ٣٧٥)، وعنه البيهقي (١٠/ ١٢)، وابن أبي حاتم وابن المنذر وابن مردويه -كما في "الدر المنثور" (٥/ ٥٣١) - من طريق عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه عن أبي الدرداء مرفوعًا، قال البزار: وإسناده صالح. قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في "المجمع" (١/ ١٢١): "وإسناده حسن، ورجاله موثقون".
قلت: عاصم بن رجاء فيه كلام، فلا يرقى حديثه للصحيح. وحسنه شيخنا الألباني -رحمه اللَّه- في "غاية المرام" (رقم ٢).
فتصحيح المصنف لحديث أبي ثعلبة فيه نظر، نعم، قد يكون صحيحًا لغيره لشواهده، انظرها مع تخريجها في تعليقي على "تحقيق البرهان" (ص ١٣٧/ ط الثانية)، والتعليق على "سنن سعيد بن منصور" (٢/ ٣٢٠ - ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>