للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز التطهير (١) به خارج المصر والقرية [ولا يجوز التطهير (١) به داخلهما] (٢)؟ فإن قالوا: اقتصرنا في ذلك على موضع النص، قيل: فهلا اقتصرتم به على خارج مكة فقط حيث جاء الحديث، وكيف ساغ لكم قياس الغسل من الجنابة في ذلك على الوضوء دون قياس داخل المِصْر على خارجه؟

وقياس العنبة الطيبة والماء الطهور واللحم الطيب والماء الطهور والدِّبْس الطيب والماء الطهور على التمرة الطيبة والماء الطهور، فقستم قياسًا، وتركتم مثله، وما هو أولى منه، فهلا اقتصرتم على مورد الحديث ولا عديتموه [إلى] (٣) أشباهه ونظائره؟

ومن ذلك أنكم قستم على خبر مرويّ: "يا بني المطلب إن اللَّه كَرِه لكم غسالة أيدي الناس" (٤) فقستم على ذلك الماء الذي يُتوضأ به، وأبحتم لبني المطلب غسالة أيدي الناس التي نص عليها الخبر، وقستم الماء المستعمل في رفع الحدث (٥) وهو طاهر لاقى أعضاءً طاهرة (٦) على الماء الذي لاقى العذرة والدم والميتات، وهذا من أفسد القياس، وتركتم قياسًا أصح منه وهو قياسه على الماء المستعمل في محل التطهير من عضو إلى عضو ومن محل إلى محل، فأيّ (٧) فرق بين انتقاله من عضو المتطهر الواحد إلى عضوه [الآخر] (٣) وبين انتقاله إلى عضو أخيه المسلم؛ وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثل المسلمين (٨) في توادهم وتراحمهم [وتعاطفهم] (٩) كمثل الجسد الواحد" (١٠)، ولا ريب عند كل عاقل أن قياس جسد المسلم على جسد أخيه أصح من قياسه على العَذِرَة والجِيَفِ والميتات والدم.

ومن ذلك أنكم قستم الماء الذي توضأ به الرجل على العبد الذي أعتقه في


(١) في (ق) و (ك): "التطهر".
(٢) بدل ما بين المعقوفتين في (ن): "لا داخلها".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٤) ذكره الزيلعي في "نصب الراية" (٢/ ٤٠٣)، وقال: "غريب بهذا اللفظ" أي لا أصل له، وبمعناه ما رواه مسلم في "صحيحه" (١٠٧٢) في (الزكاة): باب ترك استعمال آل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الصدقة، ضمن حديث طويل جاء فيه: "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس".
(٥) انظر: "بدائع الفوائد" (٤/ ٤٧)، و"زاد المعاد" (٢/ ١٢٩).
(٦) في (ن): "لاقى طاهر"!
(٧) في (ق) و (ك): "وأي".
(٨) في (ق) و (ك): "المؤمنين".
(٩) ما بين المعقوفتين أثبته من (ق).
(١٠) سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>