للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفسدة العظيمة التي هي منشأ النزاع التي من تأمَّل مقاصد الشريعة علم قصد الشارع لإبطالها وإعدامها إلى المفسدة اليسيرة التي في جعل ما لم يوجد (١) تبعًا لما وجد لما فيه من المصلحة؟ وقد اعتبرها الشارع، ولم يأتِ عنه حرف واحد أنه نهى عن بيع المعدوم (٢)، وإنما نهى عن بيع الغرر (٣)، والغررُ شيء وهذا شيء، ولا يُسمَّى هذا البيع غررًا لا لغة ولا عرفًا ولا شرعًا (٤).

[فصل [من تناقض القياسيين مراعاة بعض الشروط دون بعضها الآخر]]

وقالت الحنفية والمالكية والشافعية: إذا شَرَطت (٥) الزوجة أن لا يخرجها الزوج من بلدها أو دارها أو أن لا يتزوج عليها ولا يَتسرَّى فهو شرطٌ باطل، فتركوا محض القياس، بل قياس الأولى، فإنهم قالوا: لو شرطت في المهر تأجيلًا أو غير نقد البلد أو زيادة على مهر المثل لَزِمَ الوفاء بالشرط، فأين المقصود الذي لها في الشرط الأول إلى المقصود الذي في هذا الشرط؟ وأين فواته إلى فواته؟ وكذلك من قال منهم: لو شرط أن تكون جميلة شابة سويَّة فبانت عجوزًا شمطاء قبيحة المنظر أنه لا فسخ لأحدهما بفوات شرطه، حتَّى إذا فات درهم واحد من الصداق فلها الفسخ لفواته قبل الدخول، فإن استوفى المعقود عليه ودخل بها وقضى وَطَره منها ثم فات الصداق جميعه ولم تظفر [منه] (٦) بحبةٍ واحدةٍ فلا فسخ لها، وقستم الشرط الذي دخلت عليه على شرط أن لا يؤويها ولا يُنفق عليها (٧)،


(١) في (ق) و (ك): "ما لا يوجد".
(٢) حول بيع المعدوم وأنواع المعدوم انظر: "زاد المعاد" (٤/ ٢٦٢ - ٢٦٦)، و"تهذيب السنن" (٥/ ١٥٨).
(٣) النهي عن بيع الغرر أخرجه مسلم في "صحيحه" (كتاب البيوع): باب بطلان بيع الحصاة، (١٠/ ١٥٦ - نووي) من حديث أبي هريرة.
(٤) اختار ابن القيم -رحمه اللَّه- جواز بيع المقاثي والمباطخ والمغيبات في الأرض بعد أن يبدو صلاحها، وناقش الخلاف فيها، والحيلة في الجواز على قول الممانع، ورجح وضع الحوائج فيها، فانظر: "زاد المعاد" (٤/ ٢٦٧ - مهم)، و"بدائع الفوائد" (٤/ ١٥، ٧٤).
(٥) في (ق): "اشترطت".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك) وقال في (ق) قبلها: "ولم يظفر".
(٧) في (ق) و (ك): "على شرط ألا يؤدها ولا ينفق عليها".

<<  <  ج: ص:  >  >>