للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد (١) ظهر تناقضهم في شروط الواقفين وشروط الزوجات، وخروجهم [فيها] (٢) عن موجب القياس الصحيح والسنّة، وباللَّه التوفيق.

يوضح ذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا قَسَم يُعطي الآهل حَظَّين والعزب حظًا (٣)، وقال: "ثلاثةٌ حق على اللَّه عونهم" (٤) ذكر منهم الناكح يريد العفاف؛ ومصححو هذا الشرط عكسوا مقصوده، فقالوا: نعطيه ما دام عزبًا، فإذا تزوج لم يستحق شيئًا، ولا يحل لنا أن نُعينه؛ لأنَّه ترك القيام بشرط الواقف وإن كان قد فعل ما هو أحبُّ إلى اللَّه ورسوله؛ فالوفاء بشرط الواقف المتضمن لترك الواجب أو السنة المقدمة على فضل الصوم أو (٥) الصلاة لا يحلُّ (٦) مخالفته، ومن خالفه كان عاصيًا آثمًا، حتى إذا خالف الأحب إلى اللَّه ورسوله و [خالف] (٧) الأرضى له كان بارًّا مثابًا قائمًا بالواجب عليه!

يوضح بطلان هذا الشرط وأمثاله من الشروط المخالفة لشرع اللَّه ورسوله أنكم قلتم: كلُّ شرط يخالف مقصود العقد فهو باطل، حتى أبطلتم (٨) بذلك شرط دار الزوجة أو بلدها، وأبطلتم اشتراط البائع الانتفاع بالمبيع مدة معلومة، وأبطلتم اشتراط الخيار بعد (٩) ثلاثة، وأبطلتم اشتراط نفع البائع في المبيع ونحو ذلك من الشروط التي صححها النَّصُّ والآثار عن الصحابة والقياس، كما صَحَّح عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان (١٠) اشتراط المرأة دارها أو بلدها أو أن لا يتزوج عليها (١١)، ودلَّت السنّة على أن


(١) في (ق): "وقد".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٩٥٣)، وأحمد (٦/ ٢٥، ٢٩)، والبيهقي (٦/ ٣٤٦) من حديث عوف بن مالك الأشجعي -رضي اللَّه عنه-. وانظره مفصلًا في (٥/ ٨٦).
(٤) سيأتي تخريجه.
(٥) في (ق) و (ك): "و".
(٦) في (ق): "تحل".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (د) و (ك).
(٨) في (ق): "حتى إذا أبطلتم".
(٩) بدلها في (د): "فوق" وفي (ق): "بعد ثلاث".
(١٠) في (ق): " أبي سفيان -رضي اللَّه عنه-".
(١١) أثر عمر رواه عبد الرزاق (١٠٦٠٨) (٦/ ٢٢٧)، وابن أبي شيبة (٣/ ٣٢٦ - دار الفكر)، والبيهقي (٧/ ٢٤٩) من طريق يزيد بن يزيد بن جابر عن إسماعيل بن عبيد اللَّه عن عبد الرحمن بن غنم عن عمر، وإسناده صحيح.
وله طرق أخرى عن عمر في "مصنف عبد الرزاق"، و"سنن البيهقي" ثم روى عبد الرزاق عن عمر خلافه بسند فيه ضعف. =

<<  <  ج: ص:  >  >>