للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَخِرَ به أو هزأ به أو بال عليه أو بصق عليه أو دعا عليه فله أن يفعل به نظير ما فعل به متحريًا للعدل، وكذلك إذا كسعه أو صفعه فله أن يستوفيَ منه نظير ما فعل به سواء، وهذا أَقرب إلى الكتاب والميزان وآثار الصحابة من التعزير المخالف للجناية جنسًا ونوعًا (١) وقدرًا وصفة، وقد دلّت السنّة الصحيحة الصريحة على ذلك، فلا عبرة بخلاف من خالفها؛ ففي "صحيح البخاري": "أن نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أَرسلنَ زَيْنب بنت جحش إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تكلمه في شأن عائشة، فأتته فأغلظت، وقالت: إن نساءَك يَنْشُدنك العَدْلَ في بنت (٢) ابن أبي قُحافة، فرَفَعت صوتَها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة، فسبَّتها، حتى إنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لينظر إلى عائشة هل تتكلم، فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها، قالت: فنظر النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى عائشة وقال: إنها بنتُ أبي بكر" (٣)، وفي "الصحيحين" [في] (٤) هذه القصة، قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- زينب بنت جحش زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-وهي التي كانت تُساميني في المنزلة عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكرت الحديث، وقالت: ثم وقعت فيَّ، فاستطالت عليَّ، وأنا أرقبُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأرقبُ طَرفَه: هل يأذن لي فيها؟ قالت: فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يكره أن أَنتصر، فلما وقعت بها لم أَنْشَبها حتى أنحيت عليها (٥)، قالت: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتبسَّم: "إنها ابنةُ أبي بكر"، وفي لفظ [فيهما]: "فلم أنشبها أن أثخنتها غلبة" (٦) وقد حكى اللَّه سبحانه عن يوسف الصديق إنه قال لإخوته: {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا [وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ] (٧)} [يوسف: ٧٧] لما قالوا: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ} (٨) [يوسف: ٧٧]


(١) في (ق): "نوعًا وجنسًا".
(٢) في (ق): "ابنة".
(٣) أخرجه البخاري (٢٥٨١) في (الهبة): باب من أهدى إلى صاحبه وتَحرَّى بعض نسائه دون بعض، ومسلم (٢٤٤٢) في (فضائل الصحابة): باب في فضل عائشة، من حديث عائشة، ووقع في (ق): "ابنة".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (د).
(٥) "تريد كلام عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها لما خاصمتها؛ لم تزل بها حتى غلبتها" (ط)، وفي (ك) و (ق): "أثخنت".
(٦) انظر الحديث السابق، ووقع في (ق): "أثخنتها عليه"، وما بين المعقوفتين قبلها سقط من (ق).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٨) أول الآية: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ}، وختامها {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ} [يوسف: ٧٧] " (و).

<<  <  ج: ص:  >  >>