للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالاستصحابُ: استفعالٌ من الصحبة، وهي استدامة إثبات ما كان ثابتًا أو نفي ما كان منفيًا (١)، وهو ثلاثة أقسام: استصحاب البراءة الأصلية، واستصحاب الوصف المُثْبت للحكم الشرعي حتى يثبت (٢) خلافه، واستصحاب حكم الإجماع في محل النزاع.

[[استصحاب البراءة الأصلية]]

فأما النوع الأول (٣) فقد تنازع الناسُ فيه: فقالت طائفة من الفقهاء والأصوليين: إنه يصلح للدفع لا للإبقاء، كما قاله بعض الحنفية، ومعنى ذلك أنه يصلح لأن يدفع به من ادعى تغيير الحال [لا] (٤) لإبقاء الأمر على ما كان، فإن بقاءه على ما كان إنما هو مستند إلى موجب الحكم، لا إلى عدم المُغيِّر له، فإذا لم نجد دليلًا ناقلًا ولا مثبتًا (٥) أمسكنا، لا نثبت الحكم ولا ننفيه، بل ندفع (٦) بالاستصحاب دعوى مَنْ أثبته (٧)، فيكون حالُ المتمسك بالاستصحاب كحال المعترض مع المستدل؛ فهو يمنعه الدلالة حتى يثبتها، لا أنه (٨) يقيم دليلًا على نفي ما ادعاه، وهذا غير حال المعارض؛ فالمعارض لون والمعترض لون، فالمعترض يمنع دلالة الدليل، والمعارض يسلم دلالته ويقيم دليلًا على نقيضه (٩)، وذهب الأكثرون من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم إلى أنه يصلح لإبقاء الأمر على ما كان عليه، [قالوا: لأنَّه إذا غلب على الظن انتفاء الناقل غلب على الظن بقاء الأمر على ما كان عليه] (١٠).

[[استصحاب الوصف المثبت للحكم]]

ثم النوع الثاني استصحابُ الوصف المثبت للحكم حتى يثبت خلافه، وهو حجة، كاستصحاب حكم الطهارة وحكم الحدث واستصحاب بقاء النكاح (١١)


(١) في (ك): "منتفيًا".
(٢) في (ك) و (ق): "حيث ثبت"، واحتمل في هامش (ق) ما أثبتاه.
(٣) في (ن): "فأما القسم الأول".
(٤) ما بين المعقوفتين من (ق) و (ك) ووقع في (ق): "يصلح للدفع".
(٥) في (ن): "ناقلًا ولا مبينًا"، وفي المطبوع و (ك): "نافيًا ولا مثبتًا".
(٦) في (ق): "بل يدفع".
(٧) في (ق): "يثبته".
(٨) في (ق) و (ك): "لأنه".
(٩) في (ن): "نقضه".
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(١١) في (ن): "وحكم استصحاب بقاء النكاح".

<<  <  ج: ص:  >  >>