للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إنك ستأتيه وتطوف به" (١) فإنه لا دلالة في هذا اللفظ على تعيين العام الذي يأتونه فيه، وأنكر على عديّ بن حاتم فهمه من الخيط الأبيض والخيط الأسود نفسَ العقالين (٢)، وأنكر على مَنْ فهم من قوله: "لا يدخلُ الجنةَ مَنْ كان في قلبه مثقالُ حبة خَرْدلةٍ من كِبْر" شمول لفظه لحسْن الثوب وحُسن النعل، وأخبرهم أنه: "بَطرُ الحق وغَمطُ الناس" (٣) وأنكر على من فهم من قوله: "مَنْ أحبَّ لقاء اللَّه أحبَّ اللَّه لقاءَه، ومن كره لقاءَ اللَّهِ كره اللَّه لقاءه" أنه كراهة الموت، وأخبرهم أن هذا للكافر إذا احْتُضِرَ وبُشِّر بالعذاب فإنه حينئذ يكره لقاء اللَّه، واللَّه يكره لقاءه، وأن المؤمن إذا احْتُضِرَ وبُشِّر بكرامة اللَّه أحَبَّ لقاء اللَّه وأحبَّ اللَّه لقاءه (٤)، وأنكر


(١) هو جزء من الحديث الطويل في صلح الحديبية رواه البخاري (٢٧٣١ و ٢٧٣٢) في (الشروط): باب الشروط في الجهاد، من حديث المِسور بن مخرمة ومروان.
وانظر: "مرويات غزوة الحديبية".
(٢) أخرج البخاري في "صحيحه" (كتاب التفسير): باب {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} (٨/ ١٨٢/ رقم ٤٠٥٩)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الصيام): باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، (٢/ ٧٦٦ - ٧٦٧/ رقم ١٠٩٠) عن عدي بن حاتم؛ قال: لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧]؛ قال له عدي بن حاتم: يا رسول اللَّه! إِني أجعل تحت وسادتي عِقاليْن: عقالًا أبيضَ وعِقالًا أسود، أعرف الليل من النهار.
فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِن وسادتك لعريض، إِنما هو سواد الليل وبياض النهار" لفظ مسلم.
وأخرج البخاري في "صحيحه" (رقم ٤٥١١)، ومسلم في "صحيحه" (رقم ١٠٩١) عن سهل بن سعد؛ قال: أنزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}، ولم ينزل: {مِنَ الْفَجْرِ}، وكان رجال إِذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما؛ فانزل اللَّه بعده: {مِنَ الْفَجْرِ}؛ فعلموا أنما يعني الليل من النهار.
(٣) رواه مسلم (٩١) في (الإيمان): باب تحريم الكبر وبيانه، من حديث ابن مسعود.
و"بطر الحق": التكبر عليه فلا يقبله، و"غمط الناس": احتقارهم، والإزدراء بهم (ط).
ووقع في (ك) و (ق) بدل "حبة خَرْدلة"، "ذرة".
(٤) رواه البخاري (٦٥٠٧) في (الرقاق): باب من أحب لقاء اللَّه أحب اللَّه لقاءه، من حديث عبادة بن الصامت، وفي الباب عن عائشة، رواه مسلم (٢٦٨٤) في (الذكر والدعاء): باب من أحب لقاء اللَّه أحب اللَّه لقاءه. . .، وعلقه البخاري بعد (٦٥٠٧).
وعن أَبي هريرة: رواه مسلم أيضًا (٢٦٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>