للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] فذكر حكم ولد الأب والأبوين واحدُهُم وجماعتهم، وهو حكم يختص به جماعتهم [كما يختص به واحدهم] (١) فلا يشاركهم فيه غيرُهُم، فكذا حكم ولد الأم، وهذا يدل على أن أحد الصِّنفين غيرُ الآخر، فلا يشارك أحدُ الصنفين الآخر، وهذا الصنف الثاني هو ولد الأبوين أو الأب بالإجماع (٢)، والأول هو ولد الأم بالإجماع، كما فسَّرته قراءةُ بعض الصحابة (٣): "من أم" وهي تفسيرٌ وزيادةُ إيضاح، وإلا فذلك معلوم من السياق ولهذا ذكر سبحانه ولد الأم في آية الزوجين، وهم أصحاب فرض مُقَدَّر لا يخرجون عنه، ولا حَظَّ لأحد منهم في التعصيب، ولم يذكر فيها أحدًا من العصبة، بخلاف ذكر (٤) في آية العمودين الآية التي قبلها؛ فإن لجنسهم حظًا في التعصيب، ولهذا قال في آية الإخوة من الأم والزوجين: {غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: ١٢] ولم يقل ذلك في آية العمودين، فإن الإنسان كثيرًا ما يَقْصِدُ ضِرَار الزوجين (٥) وولد الأم لأنهم ليسوا من عصبته، بخلاف أولاده وآبائه فإنه لا يضَارهم في العادة، فإذا (٦) كان النص قد أعطى ولد الأم الثلث لم يجز تنقيصهم منه، وأما ولد الأبوين فهم جنس آخر وهم عصبته (٧) وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألِحْقُوا الفرائضَ بأهلها، فما بقي فلأوْلى رَجلٍ ذَكَر" (٨) وفي


(١) في (ن): "كواحدهم".
(٢) في (ن): "والصنف الثاني هو ولد الأبوين والأب بالإجماع".
(٣) أخرج الدارمي (٢/ ٣٦٦)، وابن أبي شيبة (١١/ ٤١٦ - ٤١٧)، وسعيد بن منصور (٣/ ١١٨٧)، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" (رقم ٥٨٩)، والطبري (٨/ ٦١ - ٦٢/ ط شاكر)، والبيهقي (٦/ ٣٣٣، ٢٣١) من طريق القاسم بن عبد اللَّه بن ربيعة بن قانف أن سعدًا كان يقرؤها: "وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت من أم"، والقاسم لم يرو عنه إلا يعلى بن عطاء، ووثقه ابن حبان (٥/ ٣٠٢)، وانظر: "التهذيب" (٨/ ٣٢٠).
وعزاه في "الدر المنثور" إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر وذكر أبو حيان في "البحر المحيط " (٣/ ١٦٠) أن هذه قراءة أُبيّ وقال ابن المنذر في "الإجماع" (ص ٨٣): "وأجمعوا أن مراد اللَّه عز وجل في الآية في أول سورة النساء الأخوة من الأم، وبالتي في آخرها الإخوة من الأب والأم "، وحكى هذا الإجماع الرازي (٩/ ٢٣٣ - ٢٢٤) والقرطبي (٥/ ٧٨) في "تفسيريهما"، وانظر -غير مأمور-: "القراءات وأثرها في التفسير والأحكام" (٢/ ٧٦١ - ٧٦٤).
(٤) في المطبوع: "ما ذكر" وفي (ق): "من ذكر".
(٥) في (ق): "الزوج".
(٦) في (ق): "وإذا".
(٧) في (ن): "عصبة".
(٨) رواه البخاري في "الصحيح" (كتاب الفرائض): باب ميراث الولد من أبيه وأمه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>