للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: بيان عدم دلالته على إعطائِها الثلث كاملًا مع الزوجين، وهذا أظهر الطريقين.

والثاني: دلالته على إعطائها ثُلثَ الباقي، وهو أدقُّ وأخفى من الأول، أما الأول فإن اللَّه سبحانه إنَّما أعطاها الثلث كاملًا إذا انفرد الأبوان بالميراث، فإن قوله سبحانه: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] شرطان (١) في استحقاق الثلث: عدمُ الولد، وتفردُهما بميراثه، فإن قيل: ليس في قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} [النساء: ١١] ما يدل على أنهما تفردا بميراثه، قيل: لو لم يكن [تفردُهما] (٢) شرطًا لم يكن في قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} [النساء: ١١] فائدة، وكان تطويلًا يغني عنه قوله: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] فلما قال: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} [النساء: ١١] علم أن استحقاق الأم الثلث موقوف على الأمرين، وهو سبحانه ذكر أحوالَ الأم كُلِّها نصًا وإيماء، فذكر أن لها السدس مع الإخوة، وأن لها الثلث كاملًا مع عدمِ الولد وتفرُّدِ الأبوين بالميراث، بقي لها


= ٢٦٢)؛ عن عكرمة قال: أرسلني ابن عباس إلى زيد بن ثابت أسأله عن زوج وأبوين، فقال زيد: للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي، وللأب بقية المال. فقال ابن عباس: للأم الثلث كاملًا. وفي لفظ له: فأرسل إليه ابن عباس: "أفي كتاب اللَّه تجد هذا؟ قال: لا، ولكن أكره أن أفضّل أمًا على أب، قال: وكان ابن عباس يعطي الأم الثلث من جميع المال".
وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" (رقم ١٩٠١٨)، والدارمي (٢/ ٢٥٠)، والبيهقي (٦/ ٢٢٨) في "سننيهما"، وسفيان الثوري في "الفرائض" (رقم ١٤)؛ عن إبراهيم قال: خالف ابن عباس أهل الصلاة في زوج وأبوين، فجعل النصف للزوج، وللأم الثلث من رأس المال، وللأب ما بقي" لفظ عبد الرزاق، ولفظ الدارمي: "وجعل للأم الثلث من جميع المال".
وعلقه عنه ابن حزم في "المحلى" (٩/ ٢٦٠).
وأسند عبد الرزاق (١٩٠١٧، ١٩٠١٩)، وابن أبي شيبة (١١/ ٢٣٨)، وسفيان (١٢، ١٥)، وسعيد بن منصور (٩)، والدارمي (٢/ ٢٤٩)، والبيهقي (٦/ ٢٢٨)؛ بإسناد صحيح عن عثمان، وابن أبي شيبة (١١/ ٢٣٩، ٢٤٠، ٢٤١)، وسعيد (٦ - ٨)، وسفيان (١٣ - ١٥)، وعبد الرزاق (١٩٠١٩)، والدارمي (٢/ ٢٥٠٠)، والبيهقي (٦/ ٢٢٨)، وابن حزم (٩/ ٢٦٠)؛ عن عمر وابن مسعود (ثلاثتهم) قالوا بما قال به زيد بن ثابت في الأثر السابق.
وانظر: "حلية العلماء" (٦/ ٢٨١)، "التهذيب في الفرائض" (ص ١٩٩)، "موسوعة فقه ابن عباس" (١/ ١٣٢ - ١٣٦).
وما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(١) في المطبوع و (ن): "شرط أنَّ".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).

<<  <  ج: ص:  >  >>