للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأفضلَه صيامَ داود (١)، فكان من تمام الاعتدال في الصوم أن [لا] (٢) يُدخل الإنسان ما به قُوامُه كالطعام والشراب ولا يخرج ما به قوامه كالقيء والاستمناء، وفرق بين ما يمكن الاحترازُ منه من ذلك وما لا يمكن، فلم يُفطر بالاحتلام ولا بالقيء الذارع كما لا يفطر بغبار الطَّحين وما يسبق من الماء إلى الجوف عند الوضوء والغسل، وجعل الحيض منافيًا للصوم دون الجنابة، لطول زَمَانِه (٣) وكثرةِ خروج الدم وعدم التمكن من التطهير قبل وقته بخلاف الجنابة، وفرقٌ بين دم الحِجَامة ودمِ الجرح فجعل الحجامةَ من جنسِ القيءِ والاستمناءِ والحيضِ وخروجَ الدَّمِ من الجرح والرُّعافِ من جنس الاستحاضةِ والاحتلامِ وذرعِ القيء، فتناسبت الشريعة وتشابهت تأصيلًا وتفصيلًا، وظهر أنها على وفق القياس الصحيح والميزان العادل، وللَّه الحمد (٤).

فصل (٥) [التيمم جار على وفق القياس]

ومما يُظن أنه على خلاف القياس باب التيمم، قالوا: إنه على خلاف


= تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور"، وإسناده ضعيف، فيه سليمان بن أبي عثمان مجهول، وابن لهيعة.
ويدل عليه ما أخرجه البخاري (١٩٢١) (كتاب الصوم): باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر عن زيد بن ثابت قال: تسحّرنا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قام إلى الصلاة، قلت: (القائل أنس بن مالك): كم بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية، وفعله -صلى اللَّه عليه وسلم- يدل على الاستحباب.
(١) أخرج البخاري (١١٣١) (كتاب التهجد): باب من نام عند السحر، ومسلم (١١٥٩) (كتاب الصيام) باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، عن عبد اللَّه بن عمرو رفعه: "أحب الصلاة إلى اللَّه صلاة داود -عليه السلام-، وأحب الصيام إلى اللَّه صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يومًا، ويفطر يومًا".
وأخرجه البخاري في مواطن عديدة، انظر: (الأرقام ١١٥٢، ١١٥٣، ١٩٧٤، ١٩٧٥، ١٩٧٦، ١٩٧٧، ١٩٧٨، ١٩٨٠، ٣٤١٨، ٣٤١٩، ٣٤٢٠، ٥٠٥٢، ٥٠٥٣، ٥٠٥٤، ٥١٩٩، ٦١٣٤، ٦٢٧٧).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٣) في (ك) و (ق): "زمنه".
(٤) انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٢٠/ ٥٢٧ - ٥٢٨).
(٥) هذا الفصل والذي يليه لم أجدهما في "مجموع الفتاوى"، وإنما وجدتهما في رسالة: "القياس في الشرع الإسلامي" (ص: ٢٧ - ٢٩) لشيخ الإسلام -رحمه اللَّه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>