للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محضُ العَدْلِ وموجب القياس، فإن المشتري لو اطلع على عَيْب في السِّلْعة كان له الفسخُ بدون حكم حاكم، ومعلومٌ أن الإعسار عيب في الذمة لو علم به البائع لم يرض بكون ماله في ذمة المُفْلِس، فهذا محض القياس الموافق للنص ومصالح العباد، وباللَّه التوفيق.

وطَرْدُ هذا القياس عجزُ الزوج عن الصَّدَاق، أو عجزُه عن الوطء (١)، وعجزُه عن النفقة والكسوة (٢)، وطرده عجزُ المرأة عن العوض في الخُلْع أن للزوج الرجعة، وهذا هو الصواب بلا ريب، فإنه لم يخرج البُضْعَ عن ملكه (٣) إلا بشرط سلامة العوض، وطَرْدُه الصلح عن القصاص إذا لم يحصل له ما يصالح (٤) عليه فله العَوْدُ إلى طلب القصاص، فهذا موجب العدل ومقتضى قواعد الشريعة وأصولها، وباللَّه التوفيق (٥).

[فصل [بيان أن الإجارة على وفق القياس]]

وأما الإجارة فالذين قالوا: "هي على خلاف القياس" (٦) قالوا: هي بيعُ


(١) في (ن): "وإذا عجز عن الوطء"، وفي (ق) و (ك): "وعجزه عن الوطء".
(٢) في (ن): "وعجز عن النفقة والكسوة".
(٣) في (ق): "عن نفسه".
(٤) في (ل) و (ق): "صالحه".
(٥) هنا انتهى المجلد الأول، من طبعة (د)، وكتب في الهامش ما نصه: "قد تم -بحمد اللَّه تعالى وتوفيقه- الجزء الأول من كتاب "إعلام الموقعين عن رب العالمين" وهو أشهر تصانيف الإمام الجليل شمس الدين أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر، المعروف بابن قيم الجوزية، ويليه -إن شاء واهب القُوَى والقُدَر- الجزء الثاني منه مفتتحًا بقوله: "فصل، وأما الإجارة فالذين قالوا هي على خلاف القياس- إلخ" نسأله -سبحانه- أن يعين على إتمامه، بمنه وفضله".
وبه أيضًا تنتهي طبعة (ط)، وكتب في هامشه ما نصه: "قد تم بحمد اللَّه -الذي بنعمته تتم الصالحات- الجزء الأول من كتاب "إعلام الموقعين عن رب العالمين" تأليف الإمام شمس الدين أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية، ويليه إن شاء اللَّه الجزء الثاني وأوله: "فصل في بيان أنه ليس في الشريعة شيء على خلاف القياس".
نسأل اللَّه جلت قدرته أن يعيننا بفيض منه، وأن يساعدنا على إتمامه إنه على ما يشاء قدير: {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}، وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".
(٦) هذا رأي جماهير الحنفية، انظر: "بدائع الصنائع" (٤/ ١٧٣)، "البناية" (٧/ ٧٦٨ - ٧٦٩). ووقع في (ق) و (ك): "إنها على خلاف القياس".

<<  <  ج: ص:  >  >>