للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معدوم لأن المنافَع معدومةٌ حين العقد، ثم لما رأوا الكتاب قد دل على جواز إجارة الظِّئْر (١) للرِّضاع بقوله: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦]، قالوا: إنها (٢) على خلاف القياس من وجهين:

أحدُهما: كونها إجارة.

والثاني: أن الإجارة عقدٌ على المنافع، وهذه عقدٌ على الأعيان، ومن العجب أنه ليس في القرآن ذكر إجارة جائزة إلا هذه (٣)، وقالوا: هي على خلاف القياس (٤) والحُكم إنما يكون [على] (٥) خلاف القياس إذا كان النص قد جاء في موضع يشابهه (٦) بنقيض ذلك الحكم، فيقال: هذا خلاف [قياس ذلك] (٧) النص، وليس في القرآن ولا في السنة ذكرُ فساد إجارة شبه هذه الإجارة (٨)، ومنشأُ وهمِهم ظنُّهم أن مورد عقد الإجارة لا يكون إلا منافع هي أعراض (٩) قائمة بغيرها، لا أعيان قائمة بنفسها، ثم افترق هؤلاء فرقتين: فقالت فرقة: إنما احتملناها على خلافِ القياسِ لورود النص، فلا نتعدَّى (١٠) محله، وقالت فرقة (١١): بل نخرّجُها على ما يوافق القياس، وهو كون المعقود عليه [أمرًا] (١٢) غير اللبن، بل هو إلقامُ الصبيِّ الثدي ووضعه في حجر المرضعة، ونحو ذلك من [المنافع التي هي] (١٣) مقدمات الرضاع، واللبن يدخل تبعًا غير مقصود بالعقد، ثم طردوا ذلك في مثل


(١) "الظئر" -بكسر فسكون-: المرأة ترضع ولد غيرها (د). قلت: ونحوه في (ط).
(٢) في (ن): "هي".
(٣) بل وردت مشروعية الإجارة في [سورة القصص آية: ٢٦، ٢٧]، و [سورة البقرة آية: ٢٣٣]، انظر وجه الدلالة منها في "محاسن التأويل" (٣/ ٦١١)، و [الكهف آية: ٧٧]، وترجم البخاري عليها (باب إذا استأجر أجيرًا على أن يقيم حائطًا يريد أن ينقض جاز)، (٤/ ٤٤٥) مع "الفتح"، وكذا وجهها الماوردي في "الحاوي الكبير" (٩/ ٢٠٢ - ٢٠٣)، و [الزخرف: آية ٣٣] على ما ذكر ابن كثير في "تفسيره" (٤/ ١٢٧)، وانظر: "الإجارة الواردة على عمل الإنسان" (ص ٣٥ - ٣٧).
(٤) كما في "بدائع الصنائع" (٤/ ١٧٥).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) في (ق): "متشابهة".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٨) ذهب العيني في "البناية" (٧/ ٩٥٠) إلى أن إجارة الظئر وفق القياس، وكذا شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٢٠/ ٥٥٠).
(٩) في (ق) و (ك): "هي عارضة أعراض".
(١٠) في (ق): "يتعدى".
(١١) في (ق) و (ك): "وقالت طائفة".
(١٢) في (ن): "أعراض".
(١٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>