للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعقد عليها في حال وجودها البتة، بخلاف الأعيان، وقد فرّق بينهما الحِسّ والشرع؛ فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر أن يُؤخر العقدُ (١) على الأعيان التي لم تخلق إلى أن تخلق (٢) كما نهى عن بيع السِّنين (٣) وحَبَلِ الحبلة والثمر قبل أن يبدو صلاحه والحبِّ حتى يشتد (٤)، ونهى عن الملاقيح والمضامين (٥) ونحو ذلك، وهذا يمتنع مثله في المنافع، فإنه لا يمكن أن تُباعَ إلا في حال عدمها، فهاهنا أمران: أحدهما: يمكن إيرادُ العقد عليه (٦) في حال وجوده وحال عَدَمِه، فنهى الشارعُ عن


(١) بين كلمتي "يؤخر العقد" في (ق) بياض قدر كلمتين وقال: "يؤجر" بدل "يؤخر".
(٢) هذا ليس بنص وإنما قاعدة أخذها من الأحاديث النبوية، ثم بدأ يذكر أمثلة بعدها.
(٣) بيع السنين: "هو أن يبع ثمرة نخله لأكثر من سنة؛ لأنه غرر، وبيع ما لم يخلق" (و).
(٤) أما النهي عن بيع السنين، فثابت في حديث رواه مسلم (١٥٣٦) (١٠١) في (البيوع): باب كراء الأرض من حديث جابر.
أما النهي عن بيع حَبَل الحَبَلة: فرواه البخاري في "صحيحه" (٢١٤٣) في (البيوع) باب بيع الغرر وحَبَل الحَبَلة، و (٢٢٥٦) في (السلم): باب السلم إلى أن تنتج الناقة، و (٣٨٤٣) في (مناقب الأنصار): باب أيام الجاهلية، ومسلم (١٥١٤) في (البيوع): باب تحريم حبل الحبلة.
وأما النهي عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، والحب حتى يشتد فمخرج في مواطن كئيرة ووقع في (ق) و (ك): "قبل بدو صلاحه".
(٥) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٤١٣٨) عن معمر، وابن عيينة عن سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعًا، قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (٣/ ١٢): إسناده قوي.
وفي الباب عن أبي هريرة: رواه البزار في "مسنده" (١٢٦٧) من طريق صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد عنه، وقال: لا نعلم أحدًا رواه هكذا إلا صالح، ولم يكن بالحافظ، قال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ١٠٤): فيه صالح بن أبي الأخضر، وهو ضعيف، وقال نحوه ابن حجر في "التلخيص" (٣/ ١٢).
وفي الباب أيضًا عن ابن عباس: رواه البزار (١٢٦٨)، والطبراني في "الكبير" (١١٥٨١) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عنه، قال الهيثمي (٤/ ١٠٤): وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وثقه أحمد وضعفه جمهور الأئمة.
أقول: بل ضعفوه شديدًا، ورواية داود عن عكرمة فيها ضعف أيضًا.
وروى مالك في "الموطأ" (٢/ ٦٥٤) عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال: وإنما نُهي من الحيوان عن ثلاثة: عن المضامين والملاقيح، ورواه عبد الرزاق (١٤١٣٧) عن معمر عن ابن شهاب به، ونقل ابن حجر في "التلخيص" عن الدارقطني في "علله" قوله: تابعه معمر (أي عن الزهري)، ووصله عمر بن قيس عن الزهري، والصحيح قول مالك.
(٦) في (ك): "عليهن".

<<  <  ج: ص:  >  >>