للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من خلال طرفين فقط، بينما نجدُ عملية التَّورُّق باستخدام الأسهم لا تتمُّ إلا بثلاثة أطراف، أو أكثر!!.

قلت: يمكن الجوابُ عن هذا بالتالي:

أن العلاقة في بيع العِيْنَة قد تكون ثلاثية، والتي تُسَمَّى بـ (العِيْنَة الثلاثية) وهي التي تتمُّ من خلال ثلاثة أطراف، وجيء بالطرف الثالث حيلة لاستحلال العِيْنَة التي هي حيلة لاستحلال الرِّبا، يقول ابن رشد: "وسُئِلَ مالك عن رجل مما يعين يبيع السِّلعة من الرجل بثمنٍ إلى أجل، فإذا قبضها منه ابتاعها منه رجل حاضر كان قاعدًا معهما، فباعها منه، ثم إن الذي باعها الأول اشتراها منه بعد، وذلك في موضع واحدٍ قال: لا خير في هذا، ورآه كأنه محلّل فيما بينهما" (١) فوجودُ الطرف الثالث في بيع العِيْنَة لا يعني جوازها، وكذلك عمليةُ التَّورُّق باستخدام الأسهم، فالطرف الثالث إنما جيء به حيلةً لاستحلال الرِّبا بدليل أن الطرف الثالث يكون غالبًا إحدى الشركات، وهي نفسها التي تقومُ ببيع الأسهم على البنك، ثمَّ تعيدُ الشراء بأن تشتري ما يعرضه البنكُ بموجب توكيل العميل في بيعها، وبذلك نجدُ الأسهمَ تدورُ من يد مالكها إلى البنك، ليبيعها على العميل الذي يقومُ بتوكيل البنك في بيعها، ثمَّ يقومُ البنك ببيعها على مالكها الأول، فتدورُ الأسهم من يد مالكها اليمنى إلى اليسرى، ثمَّ إلى يده اليمنى وهكذا، وهذا هو حقيقة التحايل المذموم.

٢ - جاء في تعريف بيع العِيْنَة عند المالكية، كما سبق ذكره (بيع المشتري ما اشتراه لبائعه، أو لوكيله لأجل) وقد ذكرت أن الوكالة قد تدخلُ في عمليات التَّمويل كحيلة لاستحلال ما حرم الله، وهذا التعريفُ من فقه المالكية الدقيق لبيع العِيْنَة، فعملياتُ التَّمويل في العصر الحديث لا تكاد تخلو من الوكالة، وعمليةُ التَّورُّق المصرفي باستخدام الأسهم، أو باستخدام سِّلع أخرى قائمة على


(١) البيان والتحصيل (٧/ ٨٩).

<<  <   >  >>