للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أ- إذا كان المُتَوَرِّق يتعاملُ مع أهل العِيْنَة، فهذه قرينة تدلُّ على أن المقصود من عملية التَّورُّق هو تحصيل نقود مقابل زيادة في الذمة.

ب- أن يطلبَ المُتَوَرِّق من البائع أن يضعَ عنه من الثمن المؤجَّل، فهذه قرينة تدل على أن قصد المتبايعين هو النقود، فالمُتَوَرِّق لما أخذ السِّلعة من البائع لبيعها بنقدٍ حاضرٍ على طرف آخر، وجد المُتَوَرِّق أن سعر السِّلعة نقدًا أقل بكثير من سعرها المؤجَّل، الذي سيأخذه البائع، فرأى المُتَوَرِّق أن يرجعَ إلى البائع، ويطلب منه أن يضعَ من الثمن المؤجَّل لتقليص الخسارة عليه، فهذا الفعلُ عده المالكية قرينة تدلُّ على أن القصد من العملية هو تحليل الرِّبا، يقول ابنُ رشد: "وذلك أن يبيعَ الرجلُ من أهل العِيْنَة طعامًا، أو غيره بثمن إلى أجل، ثمَّ يستروضه المبتاع من الثمن فيضع عنه، فإن مالكًا وغيره من أهل العلم كرهوا ذلك؛ لأنه إنما يبيعه على المراوضة فإنما يضعُ عنه، ويرده إلى ما كان راوضه عليه، فصار البيع الذي عقداه تحليلًا للرِّبا الذي قصداه" (١).

ج - أن يشتريَ المُتَوَرِّق السِّلعة على أن ينقدَ بعض الثمن، ويؤخر البعض، وقد نصَّ فقهاء المالكية على كراهة هذه الصُورة، حيث قالوا: "إذا اشترى طعامًا، أو غيره على أن ينقد بعض ثمنه، ويؤخر بعضه لأجل، فإن كان اشتراه ليبيعه كله لحاجته بثمنه فلا خير فيه، وهو قَولُ مالك" (٢).

وقد سبقت الإشارة إلى هذه الصور، التي كرهها المالكية في صور التَّورُّق الفردي، وكذلك في موقف المالكية من بيع التَّورُّق (٣).

وإذا عرفنا أن المالكية يمنعون بعضَ صور التَّورُّق الفردي لوجود القرائن،


(١) المقدمات الممهدات (٢/ ٥٢٤).
(٢) الخرشي على مختصر خليل (٥/ ١٠٦).
(٣) راجع صور التَّورُّق الفردي ص (٨١). وموقف المالكية من بيع التَّورُّق ص (٨٨).

<<  <   >  >>