للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظاهر، لم أبطله بتهمةٍ ولا بعادةٍ بين المتبايعين، وأجزته بصحَّة الظَّاهر، وأكره

لهما النية إذا كانت النيةُ لو أظهرت كانت تفسدُ البيع" (١).

ويقول ابنُ حَجَر: "فالشَّافعيةُ يجوزون العقودَ على ظاهرها، ويقولون مع ذلك: إنَّ مَنْ عملَ الحِيَل بالمكر والخديعة يأثمُ في الباطن" (٢).

ممَّا سبق يتبينُ أن الحِيَل لا تفسدُ العقد عندهم، ويأثم إذا نوى بالحيلة المكر، والخِداع.

رابعًا: موقف الحنابلة من الحِيَل:

ذهب الحنابلةُ إلى منع الحِيَل كالمالكية، جاء في (المغني): "فصل: والحِيَل كلّها محرّمة غير جائزة في شيء من الدين" (٣). وقَولُهم بالمنع جاء بناءً على القول بقاعدة: [سد الذرائع]؛ لأنَّ جوازَ هذه الحِيَل يناقضُ القول بالقاعدة، يقولُ ابنُ القيم: "وتجويزُ الحِيَل يناقضُ سَدَّ الذَّرائع مناقضة ظاهرة، فإن الشَّارعَ يسدُّ الطريق إلى المفاسد بكلِّ ممكن، والمحتالُ يفتحُ إليها بحيلة" (٤).

ممَّا سبق أستطيع، أن أقولَ: للعلماء في مسألة الحِيَل رأيان:

الرَّأي الأولُ: جوازُ الحِيَل، وبه قال الشافعية، وهو منسوبٌ إلى الحنفية.

الرَّأي الثاني: منعُ الحِيَل، وبه قال المالكية والحنابلة بناءً على القول بقاعدة: [سدّ الذرائع].


(١) المرجع السابق (٣/ ٧٤).
(٢) فتح الباري (١٢/ ٣٣٧).
(٣) المغني لابن قدامة (٤/ ٥٦).
(٤) إعلام الموقعين (٣/ ١٥٩).

<<  <   >  >>