للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجهُ الاستدلال من الآيتين:

أنَ الله سُبْحانه ذَمَّ أهلَ الخِداع والمكر، وأخبر أنَّ المنافقين يخادعُونَ الله وهو خادعهم، وأخبر عنهم بمخالفةِ ظواهرهم لبواطنهم، وأقوالهم لأفعالهم، وهذا شأنُ أربابِ الحِيَلِ المحرمة، فإنَّ المخادعةَ هي الاحتيالُ والمراوغةُ بإظهار أمرٍ جائزٍ، ليتوصَّلَ المحتالُ به إلى أمر محرم يبطنه (١).

الدليلُ الثاني: قَولُه - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما الأعمالُ بالنيات، وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى" (٢).

وجهُ الاستدلال من الحديث:

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنَّ الأعمالَ تابعةٌ للمقاصدِ والنِّيات، فإنْ نوى بالحيلة الربا مثلًا فهو مرابٍ، ومَنْ نوى الخِداعَ كان مُخادعًا.

الدليل الثالث: احتج القائلون بِمَنْعِ الحِيَل بالإجماع، فقد أجمعَ أصحابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - على تحريم هذه الحيلِ وإبطالها، وإجْماعهم حُجَّة قاطِعة، بل هي مِنْ أقوى الحُجَج، وآكدها (٣).


(١) إعلام الموقعين لابن القيم (٣/ ١٦٠).
(٢) انظر: صحيح البخاري، باب بدء الوحي (١/ ٣) رقم (١) وسنن أبي داود، كتاب الطلاق. باب فيما عني به الطلاق والنيات. (٢/ ١٦٢). رقم (٢٢٠١). وسنن ابن ماجه، كتاب الزهد. باب النية (٢/ ١٤١٣) رقم (٤٢٢٧). وسنن البيهقي الكبرى، كتاب الطهارة. باب النية في الطهارة الحكمية (١/ ٤١) رقم (١٨١).
(٣) انظر: إعلام الموقعين (٣/ ١٧٣) وقد أطال ابن القيم رحمه الله في الاستدلال لهذا الإجماع بآثار من الصحابة رضوان الله عليهم، ومن ذلك قول عمر: لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما وأقره سائر الصحابة على ذلك، وأفتى عثمان وعلي وابن عباس وابن عمر أن المرأة لا تحل بنكاح التحليل.

<<  <   >  >>