للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغة أن الزَّرنقة هي العِيْنَة، ولهذا فقد فسَّر البعض قول عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: (لا أدعُ الحَجَّ ولو تزرنقت) أي: ولو أخذت الزَّاد بالعِيْنَة، والبعضُ يقولُ: أي ولو استقيت على الزّرنوق بالأجرة، وهي آلةٌ يستقى بها من الآبار (١).

تعريفُ بيع العِيْنَة اصطلاحًا:

قبل الخوضِ في تعريفِ العِيْنَة عند الفُقَهاء يُستحسنُ ذِكْرُ مثالٍ على العِيْنَة، ليسهلَ فَهْم التَّعاريف عند الفقهاء، وتكونُ الصُّورةُ أوضحَ، يقول ابنُ رُشْد مُمَثَّلًا لبيع العِيْنَة: "أن يقولَ قائلٌ لآخر: أسلفني عشرة دنانير إلى شَهْر، وأردّ إليك

عشرين دينارًا، فيقول: هذا لا يجوزُ، ولكن أبيع منك هذا الحمار بعشرين إلى شهر، ثم أشتريه منك بعشرة نقدًا" (٢). فالعِيْنَة ترجعُ فيها السِّلعة إلى البائع الأول بخلاف التَّوَرُّقِ، فليس فيه رجوعُ السِّلعة إلى البائع الأول.

١ - تعريف بيع العِيْنَة عند الحنفية:

يقول السَّرخسي: "أن يبيعه ما يساوي عشرة بخمسة عشر، ليبيعَهُ المستقرض بعشرة" (٣).

وهذا التعريفُ في الحقيقة غير مانع لدخولِ معنى التَّوَرقُّ فيه، فإن المُتَوَرِّقَ يشتري ما يساوي عشرة بخمسة عشر بالآجل، ثم يبيعه بعشرة ليحصلَ بذلك على النقد، فالتعريفُ يفتقرُ إلى قيدٍ للتمييز بين العِيْنَة والتَّوَرُّق، ولو أضيف إلى

التَّعريف ما يدلُّ على أنَّ العَمَلِيَّة جرتْ بين البائع والمشتري فقط، دون تدخُّل طرفٍ ثالث لكان أولى وأسلم، إذ لا فارقَ جوهري بين التَّورُّق والعِيْنَة سوى دُخُول الطَّرف الثالث في المعاملة، غير أنه يمكنُ معرفة السبب الذي جَعَلَ


(١) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لأبي السعادات الجزري (٢/ ٣٠١).
(٢) بداية المجتهد لابن رشد القرطبي (٢/ ١٠٦).
(٣) المبسوط (١٤/ ٣٦).

<<  <   >  >>