للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجهادَ في سبيل الله أنزلَ اللهُ بهم بلاءً، فلم يرفعْه عنهم حتى يُراجعوا دينهم" [رواه أحمد]. وروى نحوه أبو داود من رواية نافع عن ابن عمر (١).

وَجْهُ الاستدلالِ من الحديث:

أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَعَلَ الوقوعَ في هذه الأفعال بمثابةِ الخروجِ من الدِّين، فلا يخفى على مَنْ تأمل عباراتِ الحديث ذلك الزَّجر البالغ، والتقريع الشديد (٢)، الذي يدل على حُرمة فعلها، فإن قوله: "حتى يراجِعوا دينهم" كأنه - صلى الله عليه وسلم - قد حَكَمَ عليهم بالخُروجِ من الدِّين، وأنه لا سبيلَ للرُّجوعِ إلى الدِّين إلا بترْكِ تلك الأشياء.

وقد نُوقِشَ الاستدلالُ بهذا الحديثِ من جهتين:

١) نُوقش من جهة السَّند: أنَّ هذا الحديثَ جاء من رواية أبي عبد الرحمن الخُراساني، وهو ضعيف، يقول الزَّيْلَعِيُّ ذاكرًا قولَ ابن القطَّان: "فالحديثُ من أجله لا يصحُّ" (٣)، وقال فيه ابنُ أبي حاتم: "شيخٌ ليس بالمشهور، ولا يستقلُّ به" (٤)، وقال المناويُّ: "فيه أبو عبد الرحمن الخراساني، واسمه إسحاق، عدّ في الميزان من مناكيره" (٥).

ويقولُ الصَّنْعانيُّ شارحًا قولَ ابنِ حَجَر (في إسناده مقالٌ): "لأنَّ في إسناده


(١) انظر: مسند الإمام أحمد (٢/ ٢٨) رقم (٤٨٢٥) وانظر: سنن أبي داود: كتاب الإجارة. باب: في النهي عن العينة (٣/ ٢٧٤) رقم (٣٤٦٢) وسنن البيهقي الكبرى: كتاب البيوع. باب: ما ورد في كراهية التبايع بالعينة (٥/ ٣١٦) رقم (١٠٤٨٤).
(٢) انظر: سبل السلام للصنعاني (٣/ ٨١).
(٣) نصب الراية للزيلعي (٤/ ١٦).
(٤) الجرح والتعديل (٢/ ٢١٣).
(٥) فيض القدير (١/ ٣١٤).

<<  <   >  >>