للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التاجر: ليس عندي نقود، ولكن أبيعك السِّلعة بأكثر من ثمنها في السُّوق نظير الأَجَل، لتبيعها أنت في السُّوق، فيأخذ المُحتاجُ السِّلعةَ فيبيعها نقدًا لغير بائعها بأقلّ من ثمنها آجلًا، وقد جاء بيانُ هذه الصُّورة في حاشية ابن عابدين، فقال: "أن يأتيَ الرجلُ المحتاج إلى آخر، ويستقرضه عشرة دراهم، ولا يرغب المقرض في الإقراض طمعًا في فضل لا يناله بالقَرْض، فيقول: لا أقرضك، ولكن أبيعك هذا الثوب إن شئت باثني عشر درهمًا، وقيمته في السوق عشرة لتبيعه في السُّوق بعشرة، فيرضى به المستقرضُ فيبيعه كذلك، فيحصل لرب الثوب درهمان، وللمشتري قرض عشرة" (١).

ولا يخفى الفرق بين هذه الصُّورة والصُّورة الأولى؛ لأن عملية التَّورُّق في الصُّورة الأولى لا يعلمُ التاجر ولا أحد غيره بحاجة المُتَوَرِّق للنقود، وأما في هذه الصُّورة فالتاجر يعلمُ بحاجة المُتَوَرق للنقود، ولذلك نصَّ بعض الفقهاء بكراهة هذه الصورة دون الصُّورة الأولى؛ لأن التاجر في الصُّورة الثالثة يعلمُ بحاجة الشخص ولا يقرضه، وهذا مكروه. يقول الميرغيناني: "وهو مكروه لما فيه من الإعراض عن مبرة الإقراض" (٢). وكذلك لا يخفى الفرقُ بين هذه الصُّورة والصُّورة الثانية؛ لأن التاجر في الصُّورة الثانية باع السلعة على المُتَوَرّق آجلًا بسعر النَّقْد من غير زيادة نظير الأجل، بينما نجد التاجرَ في الصُّورة الثالثة باع السِّلعة بزيادة نظير الأَجَل.

- الصُّورة الرابعة:

أن يذهب محتاجٌ إلى تاجر ليشتري سلعة تساوي مثلًا خمسة وتسعين ريالًا، فيقول المُحتاجُ: بِعْني السِّلعة بمئة، خمسين حاضرة وخمسين مؤجلة، فيأخذ


(١) حاشية ابن عابدين (٥/ ٢٧٣).
(٢) الهداية للميرغيناني (٣/ ٩٤).

<<  <   >  >>