للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(شرح مختصر خليل): "وكره أن يقول الرجلُ لمن سأله سلف ثمانين بمئة: لا يحلّ لي أن أعطيك ثمانين في مئة، ولكن هذه سلعة قيمتها ثمانون، خذ مني بمئة ما أي سلعة إذا قوَّمت كانت بثمانين (١).

وقد ذكر المالكيةُ بعضَ صور التَّورُّق، وكرهوها بقيود، من ذلك ما جاء في (شرح مختصر خليل): "إذا اشترى طعامًا، أو غيره، على أن ينقد بعض ثمنه، ويؤخر بعضه لأجل، فإن كان اشتراه ليبيعه كله لحاجته بثمنه، فلا خير فيه، وهو قول مالك" (٢).

ويلاحظ أن الكراهة في النَّصِّ السابق قد قيدت بفعل المشتري إذا كان يريدُ بيعَ السِّلعة لا لينتفع بها، إضافةً إلى تعجيل بعض الثمن، وتأخير بعضه، فإن هذه قيود تؤثر في الحكم عند المالكية.

ومن الصور التي نصَّ فقهاءُ المالكية على كراهتها ما جاء عند ابن رشد في مقدّماته: "وذلك أن يبيع الرجلُ من أهل العِيْنَة طعامًا، أو غيره، بثمن إلى أجل، ثم يستروضه المبتاعُ من الثمن فيضع عنه. فإن مالكًا وغيره من أهل العلم كرهوا ذلك؛ لأنه إنما يبيعُه على المراوضة، فإنما يضع عنه، ويردّه إلى ما كان راوضه عليه، فصار البيع الذي عقداه تحليلًا للربا الذي قصداه، وتفسير هذا أن يأتي الرجلُ إلى الرجل من أهل العِيْنَة. . ." (٣) (٤).

وبهذا يتَّضح أن المالكية يمنعون بعضَ صور التَّورُّق؛ لأن فيها قرائنَ تدلُّ على تواطؤ البائع والمشتري على بيع السِّلعة، لتحصيل النَّقْد الحاضر مقابل


(١) شرح الخرشي على مختصر خليل (٥/ ١٠٦).
(٢) المرجع السابق.
(٣) المقدمات الممهدات (٢/ ٥٢٦).
(٤) راجع: هذه الصورة في صور التَّورُّق الفردي: الصورة الخامسة ص (٨٣).

<<  <   >  >>