للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

أمركَ بهذا؟ قال: نعم. قالت: فحسبي، تركْتَنا إلى كافٍ.

وخرج إبراهيم حتى وقف على كداء ولا بناء ولا ظل ولا شيء يحول دون ابنه إسماعيل، فنظر إليه فأدركه ما يدرك الوالد من الرحمة لولده، فقال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} الآية، وانصرفت هاجر إلى ابنها وعمدت فجعلت عريشًا في موضع الحِجْر -بكسر الحاء المهملة- من سَمُر (١) -بفتح السين المهملة وضم الميم- وألقت عليه ثُمامًا (٢) -بضم المثلثة وتخفيف الميم-.

وفي رواية: أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام وضع عندهما جِرَابًا فيه تمر وسِقَاء فيه ماء، فلما نَفِدَ الماء عطش إسماعيل وعطشت أمه وانقطع لبنها، فأخذ إسماعيل كهيئة الموت فظنَّت أنه ميت فجَزِعَت، وخرجت جزعًا أن تراه على تلك الحالة، وقالت: يموت وأنا غائبة عنه أهون عليَّ. ثم ظهر لها جبريل فانطلق بها حتى وقف على موضع زمزم فضرب بعَقِبِه مكان البئر فظهر الماء فوق الأرض (٣).

وفي "الحدائق": فبحث جبريل بعقبه، أو قال: بجناحه -على شك الراوي- وجعلت هاجر تَزمُّ الماء، أي: تحصره خِيفَة


= وهو ما يُعرف اليوم "ريع الحَجُون" يدخل طريقه بين مقبرتي المَعْلاة، ويفضي من الجهة الأخرى إلى حي العتيبة وجرول. "المعالم الأثيرة" ص ٢٣١.
(١) السَّمُر جمع سَمُرَة: نوع من شجر الطَّلح.
(٢) الثمام: نبات طويل كانت تُسَدُّ به فجوات البيوت قديمًا.
(٣) أصل هذه القصة في البخاري من حديث ابن عباس، ح (٣٣٦٤).