للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ لا طريق لمعرفة العلم والعمل في ذلك كله إلا طريق الكتاب والسنة، والمقصود دلالاتهما، فإما أن تفيدهما معًا وهو الحق، وأما أن لا تفيدهما معًا ولا قائل بذلك ولا واسطة بين الأمرين.

المطلب الثالث

الشريعة هي الحجة على الخلق على الإِطلاق والعموم

إن الله أنزل شريعته لتقوم بها الحجة على الخلق على الإطلاق والعموم فلو لم تكن دلالاتها تفيد ذلك والطريق الذي ثبتت به يفيده كذلك لما قامت بها الحجة على الخلق، ولما كان في إنزالها فائدة، وكذلك القول بأن جزءًا منها لايفيد ذلك يؤدي إلى أنه لا تقوم به الحجة، والفرض أنها أنزلت لتقوم بها الحجة وهذا المعنى لا ينازع فيه أحد، فدل ذلك يقينًا على أنها حجة على الخلق على الإِطلاق والعموم.

وهذه عقيدة المسلمين في القرن الذي هو خير القرون، فإنه لا يُعلم عن أحد من الصحابة - رضوان الله عليهم - خلاف ذلك البتة، وإليك نماذج من التطبيقات لهذه العقيدة، وسنختار من الوقائع ما لا يختلف في دلالته على المقصود، وذلك في فروع:

الفرع الأول

ذكر رواية البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما -

قال الإِمام البخاري: باب ما كان يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأمراء والرسل واحدًا بعد واحد، وقال ابن عباس بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - دحية الكلبي بكتابه إلى عظيم بصرى أن يدفعه إلى قيصر. وروى بسنده قال: أخبرني عبد الله بن عبد الله بن عتبة: "أن عبد الله بن عباس أخبره أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بعث بكتابه إلى كسرى فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، يدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه كسرى مزقه ... " (١).


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٣/ ٢٤١، وفيه أن الذي أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو عبد الله بن حذافة السهمي.

<<  <   >  >>