للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تبدل ولو فرض بقاء التكليف إلى غير نهاية لكانت أحكامها كذلك" (١) وهذا التقرير من الإِمام الشاطبي في غاية الإِحكام.

الخاصية الثالثة - كونها حاكمة غير محكوم عليها: ومعنى ذلك أن الله أنزل هذه الشريعة لتحكم الناس جميعًا لا فرق بين كبير وصغير ولا تابع ومتبوع وفي جميع شؤونهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. وعليهم أن يخضعوا لأحكامها بقلوبهم وعقولهم وجوارحهم (٢)، وقد ذكرت قول الإِمام الشاطبي في التمهيد كما ذكرت أقوال أئمة السلف رحمهم الله جميعًا، وفي هذا الموضع يتبين لنا بعد أن عرضت مذهب الصحابة والتابعين وأئمة السلف من بعدهم مستدلين بالواقع العملي للنبي القدوة - صلى الله عليه وسلم - وبما جاء به من الوحي على أن هذه الشريعة جاءت لتكون هي الحجة على الخلق في الاعتقاد وسائر الأحكام، وأن الأدلة النقلية الثابتة تقوى على إقامة هذه الحجة على ما بيناه فيما سبق، وأجيب عن اعتراض يمكن يرد على ذهن القارئ ونحتاج إلى الجواب عنه في هذا الموضع ثم نجيب عن الاعتراضات الأخرى عند - عرض مسلك المضعفين للأدلة النقلية - إن شاء الله تعالى.

الفرع الثاني

اعتراض وجوابه

حاصل هذا الاعتراض أن من الأدلة الثابتة في هذه الشريعة ما يتردد المجتهد في معرفة دلالته، إما لكون اللفظ مشتركًا أو لأسباب أخرى وهذا يعكر على القول بأن الأدلة النقلية تفيد الحجة وتقوى على إثبات أمور الدين عقيدة وأحكامًا.

والجواب من أربعة أوجه:

الأول: أن ما كان ظني الدلالة مستند ولا بد إلى قطعي فمآله إلى القطعية فالشريعة قطعية وذلك هو تقرير الإِمام الشاطبي.


(١) المصدر نفسه ١/ ٤١.
(٢) انظر الموافقات ١/ ٤١ - ٤٢.

<<  <   >  >>