للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - القول بأن الفقه من باب الظنيات كما فعل الرازي، واتباع المجتهد لما اتفق له في مسائل الاجتهاد بدون مرجح كما قال ابن الباقلاني (١).

٦ - وضع المقدمات العقلية الصرفة لأصول الفقه، وخلط علم الكلام به (٢).

وبمعالجة تلك الشبه يظهر لنا أثرها الضخم في إنشاء هذه البدع في أصول الفقه، ولا نحتاج إلى تصوير مذهب المعتزلة فقد سبق بيان معارضتهم للنصوص بعقولهم، بل نبني عليه فنذكر مذهب المتكلمين من الأشاعرة وهم القنطرة التي انتقل عليها فكر المعتزلة والفلاسفة حتى انتشر في أصول الفقه، وإليك أهم الشبه التي انخدع بها هؤلاء:

يقول الأيجي في "المواقف" الدلائل النقلية لا تفيد اليقين إلّا إذا عُدم المعارض العقلي "إذْ لو وجد لقدم على الدليل النقلي قطعًا، إذ لا يمكن العمل بهما ولا بنقيضهما، وتقديم النقل على العقل إبطال للأصل بالفرع وفيه إبطال الفرع، وإذا أدى إثبات الشيء إلى إبطاله كان مناقضًا لنفسه فكان باطلًا، لكن عدم المعارض العقلي غير يقيني إذْ الغاية عدم الوجدان وهذا لا يفيد القطع بعدم الوجود فقد تحقق أن دلالتها تتوقف على أمور ظنية فتكون ظنية لأن الفرع لا يزيد على الأصل في القوة".

ثم قال: "والحق أنها قد تفيد اليقين بقرائن مشاهدة أو متواترة تدل على انتفاء الاحتمالات ... نعم في إفادتها اليقين في العقليات نظر لأنه مبني على أنه


(١) انظر الرد على الرازي والقاضي وقد سبق ص ٥٥ - ٥٦ وانظر إن شئت الملاحظات التي أثبتها ابن القيم في كتاب "مختصر الصواعق المرسلة" على مصطلح القطعي والظني ص ٤٨٩ الخ وهي ترجع إلى تلك الشبه.
(٢) وقد أسرف كثير الأصوليين في اتباع علم الكلام، وانظر تملل الغزالي من ذلك مع قبوله له لأنه كما يقول: الفطام عن المألوف شديد، المستصفى ١/ ١٠.

<<  <   >  >>