للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو الشافعي الإِمام في رسالته الموضوعة في أصول الفقه وكثير ممن أتى بعده

لم يأخذها هذا المأخذ فيجب التنبيه لذلك" (١).

ونبه في موضع آخر في المقدمة الرابعة على المعنى نفسه، وزاد على أن بعض الناظرين في القرآن يحملونه بحسب ما يعطى العقل من الفهم لا بحسب الوضع، وسبب ذلك أنهم لا يسلكون في الاستنباط منه مسلك كلام العرب في تقرير معانيها ومنزعها في خطابها ولا يدركون أنواعه وخصائصه .. فيقعون بذلك في فساد كبير ويخرجون عن مقصد الشارع (٢)، وذلك كله مؤد إلى القول في الشريعة بغير علم ومن ثم مؤد إلى تغييرها وتبديلها، وأؤكد هنا ما قاله الإِمام الشافعي ونبه عليه الشاطبي من أن إدراك سعة لسان العرب سبب في إدراك سعة هذه الشريعة ولهذا كان اشتراط العلم بلغة العرب من أعظم شروط الاجتهاد.

يقول الشاطبي: عن اشتراط العلم بالعربية: إن المجتهد لابد أن يقدر على فهم الخطاب ولا يتحقق ذلك إلّا أن يكون معه قدر يفهم به خطاب العرب وعاداتهم في الاستعمال، لأن الشريعة عربية "فلا يفهمها حق الفهم إلّا من فهم اللغة العربية حق الفهم، لأنهما سيان في النمط" (٣) والمجتهد مضطر إلى هذا العلم فيتوقف فرض الاجتهاد عليه (٤).

والقدر الذي يحدده الشاطبي يدخل فيه العلم بالنحو والتصريف، واللغة وعلم المعاني .. ويستثنى علم الغريب والتصريف المسمى بالفعل وما يتعلق بالشعر من حيث هو شعر كالعروض والقافية، والمقصود بالقدر المحتاج إليه جملة علوم اللسان غير ما استثني (٥).


(١) الموافقات ٢/ ٤٥ - ٤٦. وانظر الاعتصام ٢/ ٢٩٣ - ٢٩٤ - ٢٩٥ - ٢٩٦ - ٢٩٧.
(٢) الموافقات ١/ ١٧ - ١٨.
(٣) الموافقات ٤/ ٧١.
(٤) المصدر نفسه ٤/ ٧٠.
(٥) المصدر نفسه ٤/ ٧١.

<<  <   >  >>