للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سواء بالاستثناء كقولك: "عشرة إلا ثلاثة" فإنه مرادف لقولك سبعة، أو بالصفة وأشباه ذلك: "ليس في الحقيقة بإخراج الشيء بل هو بيان لقصد المتكلم في عموم اللفظ".

ويستشهد بقول سيبويه: "زيد الأحمر عند من لا يعرفه كزيد وحده عند من يعرفه" (١)، ولا تخصيص لا لفظًا ولا قصدًا، وأما أنه ليس بمجاز: فذلك لحصول الفرق عند العرب بين قول القائل: "ما رأيت أسدًا يفترس الأبطال" وقول القائل: "ما رأيت رجلًا شجاعًا" فالأول مجاز والثاني (٢) حقيقة.

والشاطبي في هذا الاستدلال يعتمد على أمرين:

الأول: الرجوع إلى أهل العربية في هذا الاعتبار. الثاني: اعتبار المقصد الشرعي.

أما ما يصوره العقل في مناحي الكلام فلا يعتمده طريقًا لإِثبات مقصوده هنا (٣).

أما التخصيص بالمنفصل عنده فليس هو التخصيص الذي يذهب إليه الأصوليون، بل هو بيان للمقصود من عموم الصيغ في أصل الاستعمال العربي أو الشرعي، وما ذكره الأصوليون يرجع إلى بيان خروج الصيغة عن وضعها من العموم إلى الخصوص.

وفرق بين قوله أن التخصيص بيان لوضع اللفظ، وبين قولهم أنه بيان لخروج اللفظ عن وضعه.

والفرق بينهما كما يصوره الشاطبي كالفرق بين البيان عقب اللفظ المشترك ليبين المراد منه، وبين البيان الذي سبق عقب الحقيقة لبيان أن المراد المجاز كقولك: "رأيت أسدًا يفترس الأبطال".


(١) المصدر السابق ٣/ ١٨١.
(٢) المصدر السابق ٣/ ١٨٢.
(٣) المصدر السابق ٣/ ١٨٢

<<  <   >  >>