للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستدلال على الأحكام رجعوا إلى اعتباره كل على اعتبار رآه أو تأويل ارتضاه، فالذي تقدم بيانه مستنبط من اعتبارهم الصيغ في الاستعمال بلا خلاف بيننا وبينهم إلا ما يفهم عنهم من لا يحيط علمًا بمقاصدهم ولا يجود محصول كلامهم .. وبالله التوفيق" (١).

فكأن الإِمام الشاطبي يريد أن يصحح لكثير من الأصوليين طريقة الاستدلال ولذلك تجنب -رَحِمَهُ اللهُ- طريقة التجريد العقلي واللغوي، واعتبر المقصدين اللغوي والشرعي وقدمهما على الوضع الإِفرادي واستند في ذلك كله إلى ركن ركين (٢)، ولو دخل الأصوليون من هذا المدخل لسلموا من الوقوع في شناعات خطيرة، ولا يسلمهم من ذلك أنهم إذا أخذوا في الاستدلال على الأحكام رجعوا إلى اعتبار الوضع الاستعمالي لأن تلك المحظورات والشناعات يؤدي إليها مسلكهم الأول من ذلك ما قاله الشاطبي واعتمده الشيخ أبو زهرة (٣) "فإن قيل: حاصل ما مر أنه بحث في عبارة والمعنى متفق عليه ومثله لا ينبني عليه حكم، فالجواب: أن لا، بل هو بحث فيما ينبني عليه أحكام، منها أنهم اختلفوا في العام إذا خص هل يبقى حجة أم لا (٤) وهي من المسائل الخطيرة في الدين، فإن الخلاف فيها في ظاهر الأمر شنيع لأن غالب الأدلة الشرعية وعمدتها هي العمومات فإذا عُدت من المسائل المُختلفِ فيها بناء على ما قالوه أيضًا من أن جميع العمومات أو غالبها مخصص صار معظم الشريعة مختلفًا فيها هل هو حجة أم لا، ومثل ذلك يلقى في المطلقات فانظر فيه، فإذا عرضت المسألة على هذا


(١) الموافقات ٣/ ١٨٣.
(٢) انظر أدلته من كلام العرب ومقاصد الشريعة وكلام السلف ص ٣٢١ - ٣٢٢ وهذا ما نصره عليه شيخ الإِسلام ابن تيمية ص ٣٣٧.
(٣) أصول الفقه ١٢٧.
(٤) انظر أراء المخالفين: الأحكام للآمدي ٢/ ٢٣٢، ومذكرة أصول الفقه للشنقيطي ٢١٣، وتخصيص العام ٩٧ - ١٠٣، وقد ذكر ثمانية مذاهب في حكم العام بعد التخصيص هل يبقى حجة أم لا؟

<<  <   >  >>