للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم: "وهذا من قياس العكس الجلي، وهو إثبات نقيض حكم الأصل في الفرع لثبوت ضد علته فيه" (١).

(ب) قياسه حكم القبلة في الصوم -وهي الفرع- على حكم المضمضة بالماء وهو الأصل بجامع أن كلًّا منهما لا يضر.

ففي الحديث أن عمر بن الخطاب قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "صنعت اليوم يا رسول الله أمراً عظيماً، قبلت وأنا صائم فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم، فقلت لا بأس بذلك، فقال رسول الله فصم" (٢).

قال ابن القيم -رَحِمَهُ اللهُ-:

"ولولا أن حكم المثل حكم مثله، وأن المعاني والعلل مؤثرة في الأحكام نفياً وإثباتاً لم يكن لذكر هذا التشبيه معنى، فذكره ليدل به على أن حكم النظير حكم مثله، وأن القبلة التي هي وسيلة إلى الوطء كنسبة وضع الماء في الفم الذي هو وسيلة إلى شربه فكما أن هذا الأمر لا يضر فكذلك الآخر" (٣).

(ج) وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أن امرأة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن نحج فماتت قبل أن تحج، أفأحج عنها؟ قال نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت نعم فقال: "اقضوا دين الله فإن الله أحق بالوفاء" (٤).

وترجم له البخاري بقوله: "باب من شبه أصلاً معلوماً بأصل مبين قد بين الله حكمهما ليفهم السائل" (٥).


(١) أعلام الموقعين ١/ ١٩٩.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده "مسند عمر بن الخطاب" وانظر أعلام الموقعين ١/ ١٩٩ وأقيسة النبي - عليه الصلاة والسلام - ١٩١.
(٣) أعلام الموقعين ١/ ١٩٩.
(٤) أخرجه البخاري كتاب الاعتصام ١٣/ ٢٩٦.
(٥) المصدر السابق كتاب الاعتصام ١٣/ ٢٩٦.

<<  <   >  >>