للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا يتبين أن المصلحة التي تعارض نصاً شرعياً مردودة بإجماع أهل العلم، وتسمى هذه المصلحة مصلحة باطلة أو ملغاة.

وقد قسم الإِمام الشاطبي المناسب إلى ثلاثة أقسام:

الأول: ما شهد له الشرع بالقبول فمقبول بلا خلاف.

الثاني: ما حكم الشارع برده فلا قبول له، لأن كونه مناسباً لا يقتضي حكما بنفسه وإنما ذلك مذهب أهل التحسين والتقبيح العقليين وهما مردودان (١)، وقد تبين فيما سبق أن العقل ليس بشارع ولا محسن ولا مقبح وأنه تابع للشرع فلا يتقدم بين يديه.

الثالث: ما سكتت عنه الشواهد الخاصة فلم تعتبره ولم تلقه وهو قسمان:

(أ) "أن يرد نص على وفق ذلك المعنى كتعليل منع القتل للميراث فالمعاملة بنقيض المقصود، تقدير أن لم يرد نص على وفقه مناسب غريب" (٢).

وهذا المثال الفرضي من الشاطبي وهو القول بحرمان القاتل من الميراث إذا فرض أنه لم يوجد نص يقضي بالمنع إنما هو باعتبار المعاملة بنقيض المقصود.

ويعلق الدكتور حسين حامد في رسالته نظرية المصلحة - عند ذكره لتقسيم الجمهور - على ما قاله الشاطبي مبيناً أن المعاملة بنقيض المقصود أصل شرعي شهدت له النصوص في الجملة، وإذا كان الحال كذلك فإن هذه المصلحة مردودة إلى أصل شرعي تدخل تحت جنس تصرفات الشارع (٣).

وبهذا الجواب يتأكد ما قاله قبل ذلك من "أن الغزالي أنكر وجود هذا النوع من المصالح، على أساس أنه لا يتصور أن توجد واقعة مسكوت عنها في


(١) الاعتصام ٢/ ١١٣.
(٢) الاعتصام ٢/ ١١٥.
(٣) نظرية المصلحة ١٧.

<<  <   >  >>