للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أنه قد ثبت أنه ليس أحداً من الأئمة يعارض النصوص بالمصلحة، ويبنيها على غير أصل (١).

والصحابة هم أشد حرصاً منهم ومحافظة على مقصود الشارع، والأئمة مدركون لذلك، وملتزمون به (٢).

قال الدكتور حسين حامد مبيناً مقصد الجويني: "قوله أن أحداً من الصحابة لم يكن يعمد إلى تمهيد أصل واستثارة معنى ثم بناء الواقعة عليه يعني - والله أعلم - الأصل الذي يدل على الحكم نصاً، أو المعنى الجزئي الذي يشهد النص لعينه لا مطلق الأصل والمعنى، وإلّا فإن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يفتون على الأصول التي شهدت لجنس المصلحة التي يستندون إليها في الفتوى بمصلحة جزئية، وإن كانوا لا يذكرون هذه الأصول، وذلك لمعرفة الصحابة، وقد تذوقوا الشريعة، بمثل هذه الأصول، فالذي يقصده إمام الحرمين أن الصحابة ما كانوا يذكرون الأصل الذي يدل لفظاً على الحكم، وما كانوا يلجأون إلى بيان مصلحة جزئية من نوع المصلحة التي يفتون بها وإنما كانوا يكتفون بالمصلحة الكلية" (٣).

وهذا التفسير حسن، فمن استحسنه فذاك، ومن لم يستحسنه فليعد على عبارة الجويني بالتصحيح، لأن المعنى الذي ذُكر آنفاً لا يخالف فيه أحد، ولا يقبل المراجعة، إذ هو المعلوم من فقه الصحابة والأئمة.

وقد أحسن أئمة السلف، لما ضبطوا أصولهم في الاستدلال وميزوها عن مسالك أهل الأهواء، ونحن نذكر ببعض البدهيات التي كانوا يجتمعون عليها لنرد مقالة الدكتور "شلبي" التي اعتدى فيها على الأصوليين، من ذلك:


(١) نظرية المصلحة ٦٠٧.
(٢) انظر ما سبق البناء على غير أصل ٢٦٦ - ٣٨٤.
(٣) نظرية المصلحة ٣٥٦ - ٣٥٧.

<<  <   >  >>