للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر صاحب "أصول الفقه وابن تيمية" أمثلة كثيرة وبين فيها أنها لا تخلوا من أحد أمرين: إما أن يكون الإِجماع فيها عن نص أو لا إجماع فيها، ومن أمثلة ما كان الإِجماع فيها عن نص خلافة أبي بكر واستدل على ذلك بسبعة أدلة (١)، ومن المسائل التي ليس فيها إجماع حد الشرب، فإن الإِجماع لم ينعقد على أن حده ثمانين بل وما زال الخلاف في عهد الصحابة موجودًا ومن بعدهم (٢).

وأما إجماعهم على جزاء الصيد فليس مستندًا إلى الاجتهاد بل هو مستند إلى النص (٣) وكذلك إجماعهم على قتال مانعي الزكاة، إنما مرجعه النصوص الدالة على ذلك، وأما شحم الخنزير فمحرم بالحديث الذي رواه الجماعة وهو مستند الإِجماع (٤).

والحاصل أن هذا الفريق من العلماء يستبعدون وقوع الإِجماع عن علة خفية لا تعلم إلّا بالنظر والاستنباط والسبر والتقسيم والترديد بين الأوصاف فيبعد أن يقع الإِجماع عن مصلحة معتبرة من قبل الشارع وخاصة إذا كانت بواسطة الجنس البعيد المتحقق في الضروريات الخمس وهي المصلحة التي تسمى بالمرسلة.

فالقول بأن الإِجماع الذي يتبع المصلحة يتغير بإجماع آخر غير وارد عندهم أصلًا لأنه غير متصور.

ولذلك تجد الدكتور البوطي يميل في موضع آخر إلى عدم تصور التغيّر ويربط ما ذكر من الأمثلة بحق "الإِمامة" وحق الإِمامة: "هو أن يتصرف الإِمام في أمر أعطى الشارع له - أو لمن ينوب عنه من المجتهدين - صلاحية الحكم فيه " (٥).


(١) أصول الفقه وابن تيمية ٢/ ٥٧٦ - ٢/ ٥٧٧.
(٢) المرجع نفسه ٢/ ٥٧٨.
(٣) المرجع نفسه ٢/ ٥٨٠ - ٥٨١.
(٤) المرجع نفسه ٢/ ٥٨٤.
(٥) ضوابط المصلحة ٦١ - ٦٢.

<<  <   >  >>