للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس

[تلاميذه]

بلا ريب عالم في منزلة القاضي الباقلاني يتعذر معرفة كل من أخذ عنه، فقد ضربت له بطون الإبل من كل بلد. كما أنه كان كثير التجوال، لم يستقر في بلد واحد، مما هيأت له هذه الأحوال عددًا كبيرًا من طلاب العلم، الذين أخذوا عنه في البصرة وبغداد والري وشيراز وغيرها من بلاد فارس. يقول ابن عساكر في تبين كذب المفتري: وكان الباقلاني حصنا من حصون المسلمين، وما سُر أهل البدعة بشيء كسرورهم بموته - رحمه الله - إلا أنه خلف من بعده جماعة كبيرة من التلاميذ تفرقوا في البلاد". ومالا يدرك كله لا يترك جله، ولذا سنذكر طائفة ممن اشتهر بالأخذ عنه وملازمته، ومنهم:

١ - أبو ذر الهروي: عبد بن أحمد، الإمام المحدث الحافظ الحجة الثقة المالكي الأشعري، المولود سنة ٣٥٥ هـ، والمتوفى سنة ٣٢٣ هـ. أخذ عن الباقلاني علم الكلام. ولأخذه هذا قصة لطيفة ذكرها ابن عساكر، فقال: قيل للهروي: أنت من هراة، فمن أين تمذهبت لمالك والأشعري؟ فقال: سبب ذلك أنني قدمت بغداد لطلب الحديث، فلزمت الدارقطني، وكنت مرة ماشيًا معه، فمر بنا شاب، فأقبل عليه الشيخ وعظمه وأكرمه ودعا له. فلما فارقه قلت: أيها الشيخ الإمام، من هذا الذي بالغت في إكرامه؟ فقال: أو ما تعرفه؟ قلت: لا. فقال: هذا أبو بكر بن الطيب الباقلاني الأشعري ناصر السنة، وقامع المعتزلة، ثم أفاض في الثناء عليه. فكان ذلك سبب اختلافي إليه وأخذي عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>