للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شبهة لهم أخرى: قالوا: ويدل على ذلك أنه لو لم يكن القول "افعل" وموضوع الأمر والخبر عن الأمر مفيدًا للوجوب لم يكن للوجوب لفظ يخصه وينبئ عنه, وذلك باطل/ ص ١٤٦ لأنه مما يهجس في نفوس أهل اللغة, ولهم حاجة إلى ذكره والإخبار عنه, فلم يكن بد من وضع لفظ له.

يقال لهم: هذا استدلال على وضعهم للإيجاب لفظًا, واللغة لا تثبت بدليل ويمكن أن يكونوا قد فرطوا في وضع لفظ لذلك, فلا حجة فيما قلتم.

ويقال لهم: ولو لم يكن موضوع الأمر وفائدته الندب لم يكن له في اللغة لفظ ينبئ عنه, وذلك تفريط منهم, فوجب حمله على الندب.

فإن قالوا: له لفظ هو القول ندبتك وأرشدتك ورغبتك ونحوه.

قيل: وللوجوب لفظ هو قوله فرضت عليك وأوجبت وحتمت وألزمت وكتبت, ونحو ذلك, فسقط ما عولتم عليه.

فصل: وقد قلنا من قبل أن هذه الأقاويل إنما هي بصيغة الإخبار عن الأمر والندب والإيجاب وفصلنا ذلك, واعلموا - وفقكم الله - أنه قد وضع لفظ الخبر عن إيقاع الشيء في الشرع مقام لفظ يفيد إيقاعه, وإن لم يوجد في اللغة لفظ يفيد إيقاعه وليس بصيغة الخبر عن إيقاعه, وكل ما يقع به البيع والشراء والإجارة والحل والعقد والطلاق والعتاق, فإنما هو في الشرع بلفظ الخبر عن وقوعه غير خارج عن ذلك, يبين هذا أن قول البائع والمشتري قد بعتك وقد اشتريت إنما هو لفظ الخبر عن البيع والشراء وقول يمكن أن يدخله الصدق

<<  <  ج: ص:  >  >>