للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا استويا في الكيل، فلا يضر التفاوت في الوزن، وما كان موزوناً لا يجوز بيع بعضه ببعض كيلاً. وإذا استويا في الوزن، لا يضر التفاوت في الكيل.

ثم كل شيء يتجافى في المكيال، يباع وزناً، وما لا يتجافى في المكيال؛ فينظر فيه؛ فإن كان مكيلاً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو مكيل لا يجوز بيعه بجنسه وزناً، وما كان موزوناً على عهده - صلى الله عليه وسلم - فهو موزون، ولا يجوز بيعه بجنسه كيلاً.

ولا ينظر إلى ما أحدث الناس بعده، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: يعتبر غالب عادات البلدان فيه؛ فالدراهم والدنانير موزونة والأشياء الأربعة المطعومة مكيلة، والملح إن كان قطعاً كباراً فموزونة.

وما لم يكن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو كان ولم يدر أنه كان يُكال أو يوزن، أو كان يُكال مرة ويوزن أخرى، ولم يكن أحد الأمرين أغلب - ففيه وهان:

أحدهما: تعتبر المساواة في الكيل؛ لأنه الأصل في المطعومات.

والثاني: تعتبر المساواة في الوزن؛ لأنه أحصر وأقل تفاوت.

وقيل: يعتبر غالب عادة بلد البيع.

وإذا كان بين رجلين شيء من مال الربا، فأراد قسمته، فالقسمة بيع؛ على أصح القولين، فلا يجوز قسمة المكيل وزناً، ولا قسمة الموزون كيلاً.

وما لا يجوز بيع بعضه ببعض؛ كالعنب والرطب واللحم الرطب لا يجوز قسمته أصلاً.

وإن قلنا: القسمة إفراز حق يجوز قسمة المكيل وزناً، والموزون كيلاً، ويجوز قسمة العنب والرطب واللحم بالوزن.

ولا تجوز قسمة الثمار بالخرص على رؤوس الأشجار؛ لأنا إن قلنا: بيع، فبيع بعضه ببعض لا يجوزه، وإن قلنا: إفراز حق، فالخرص ظن لا يعلم نصيب كل واحد على الحقيقة، وفي الزكاة جوز بالخرص، لأنه ليس للمساكين فيه حقيقة شركة؛ بدليل أنه يجوز أداء حقهم من موضع آخر.

وقيل: إذا قلنا: القسمة إفراز حق، يجوز قسمة ثمر النخيل والكرم بالخرص.

فصل في تحريم بيع مال الربا بجنسه جزافاً

رُوي عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال:"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع

<<  <  ج: ص:  >  >>