للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يجوز بيع جلد الميتة قبل الدباغ، ويجوز بعد الدباغ؛ على القول الجديد، وهو الأصح؛ لأنه جلد طاهر كجلد المذكاة.

وقال في القديم: "لا يجوز بيعه؛ لأن الأصل تحريم الميتة؛ غير أن الشرع أباح الانتفاع بجلدها بعد الدباغ، فلا تتعدى الإباحة منه، وهل يحل أكله بعد الدباغ؟

نظر: إن كان جلد ما لا يؤكل لحمه لا يحل؛ لأن الذكاة لا تبيحه، فلا يبيحه الدباغ. فإن كان جِلْد ما يؤكل لحمه، ففيه قولان:

أحدهما: يحل أكله؛ لأنه جلدٌ طاهر كجلد المذكاة.

والثاني قديماً: لا يحل؛ لقوله - عليه السلام-: "إنما حرم أكلها".

ومن قال بالأول قال: أراد به أكل ما يؤكل جنسه؛ وهو اللحم.

فصلٌ

قال الله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ .... الآية} [يس: ٧٨، ٧٩].

الصوف، والشعر، والريش، والسن، والقرنُ، والعظم - فيها حياة تموت بموت الحيوان، وتنجس بنجاسة الأصل، ولا تطهر بالدباغ، حتى لو دبغ جلد ميته، وعليه شعرٌ يطهر الجلد، ولا يطهر الشعر. وهذا هو المذهب.

وحكى الربيع بن سليمان الجيزي [قولاً] أن الشعر يطهر تبعاً للجلد، وعند أبي حنيفة - رحمة الله عليه-: لا حياة في شيء من هذه الأشياء، ولا ينجس بموت الحيوان. والآية حجة عليه في العظم.

وقال مالك: "في العظم حياة، ولا حياة في الشعر".

وقيل: للشافعي - رضي الله عنه- قول مثله، فعلى هذا شعور جميع الحيوانات طاهرة في جميع الأحوال، إلا شعر الكلب والخنزير، وما تولد من أحدهما؛ فإنه نجس في عموم الأحوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>