للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العالم، فيجب للوالد على الولد [كالنفقة].

وإن كان الأب معسراً غير زمنٍ، ففي وجوب إعفافه قولان؛ كالنفقة.

وقال أبو إسحاق: يجب الإعفاف، وإن لم تجب النفقة؛ لأنه إذا لم يُنفق أنفق عليه من بيت المال، وإذا لم يعف لم يكن له جهة أخرى يتعفف بها.

وإذا اجتمع جدان محتاجان، فإن اتسع مال الولد - وجب إعفافهما ونفقتهما، وإن لم تتسع، نظر إن استويا في الدرجة، وأحدهما عصبةٌ- فهو أولى؛ مثل أب الأب أولى من أب الأم، وإن لم يكن واحد منهما عصبة، فهما سواء، وإن اختلفا في الدرجة فأقربهما درجة أولى، وإن استويا في التعصيب أو عدم التعصيب، كما أن الأب أولى من أب الأب، وكذلك أب الأم أولى من أب أب الأم، ومن أب أم الأم، وإن كان الأبعد عصبة دون الأقرب، فهما سواءٌ.

ونعني بالإعفاف أن يعطيه مهر امرأة حرة، مسلمة أو كتابية، أو يقول له: تزوج وأنا أعطي المهر [من عندي] أو يملكه جارية، أو ثمن جارية، لا أنه يقبل عليه العقد دون إذنه؛ لأنه لا ولاية له عليه، ولا يعقد إلا بوسط من النساء.

فلو أراد أن يُزوجه بامرأة عجوز، أو شوهاء، أو دنيئة - فله ألا يرضى.

ولو أراد الأب امرأة في غاية الشرف والجمال - ليس له ذلك، ثم على الابن أن يُنفق على زوجته، أو على أمته إن ملكه أمة، وهل يجوز للأب أن يتزوج أمةً؟ فيه وجهان:

أحدهما: يجوز؛ لأنه معسر يخاف العنت.

والثاني: لا يجوز وهو الأصح؛ لأنه لما أوجب على الابن إعفافه، فهو موسرٌ بمال الابن.

ولو ملكه الابن جارية، ثم أيسر الأب - لا رجوع للابن فيها؛ كما لو دفع إليه النفقة، ثم أيسر والنفقة باقية - لا يرجع.

ولو زوجه امرأة، فطلقها الأب بلا عُذر، أو خالعها، أو ملكه أمة، فأعتقها - لا يجب عليه الإبدال؛ لأنه مفرط.

وإن ماتت، أو فارقته بعيبٍ، أو فارقها الأب بعذرٍ من عيبٍ وُجدَ بها، أو طلقها لشقاقٍ، أو نُشوزٍ يجب أن يُبدل؛ كما لو دفع إليه نفقة، فسرق منه - يجب الإبدال.

<<  <  ج: ص:  >  >>