للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في حديث بريرة: (فإن الولاء لمن أعتق). روى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (الولاء لحمة كلحمة النسب لا يُباع ولا يُوهب). ولا خلاف بين العلماء أنه إذا أعتق عبده عن نفسه فولاؤه له، فإن أعتقه عن غيره فالولاء للمعتق عنه لأنه المعتق حقيقته، وأما إذا كان بإذنه فلا إشكال في ذلك، وإن كان بغير إذنه قد ملكه إياه بشرط العتق عنه، فلا عتق إلا بعد الملك فكأنه هو المعتق في الحقيقة. ونبّه القاضي بقوله: "بإذنه أو بغير إذنه" على خلاف الشافعي وأبي حنيفة حيث قالا: إن الولاء للمعتق عنه إذا كان بإذنه، وغفلاً عن ملاحظة التمليك المستتبع بالعتق، ولا خلاف أنه إذا كان وكيلاً فالولاء للموكل، لأن يد الوكيل عارية محضة، ولو اشترى رقبة من زكاته فأعتقها عن المسلمين، فالولاء لهم فلو أعتق عبده عن المسلمين، أو قال: أنت سائبة عن المسلمين، فقال مالك من رواية ابن نافع وابن الماجشون: الولاء للمعتق دون المسلمين. قال مالك: "لا يعتق أحد سائبة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - (نهى عن بيع الولاء وعن هبته) وكذلك رواه ابن القاسم عنه، فإن فعل فالولاء فعل فالولاء لهم.

قوله: "ولا يحل بيع الولاء ولا هبته": أما بيعه فلأنه غرر ظاهر وقمار بين، لأنه يدفع عنه ثمنًا محققًا ولا يدري أيحصل له شيء أم لا؟ وأما هبته ففيه تفصيل، والظَاهر إجراؤه مجرى النسب أن الهبة والبيع لا يتصور واحد منهما فيه كما لا يتصور في النسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>