للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أدومه وإن قل، وكان إذا عمل عملاً أثبته".

٢٠٣١ - * وروى البخاري عنها مرفوعاً "عليكم ما تطيقون من الأعمال فإن الله لا يمل حتى تملوا".

وإذا ثبت جواز العمل حسب الطاقة إلى أن لا يحصل الإعياء والملل فنقول: طاقة الناس مختلفة، فكم من رجل يطيق شيئاً ولا يطيقه آخر؟ وكم من رجل يمل من شيء ولا يمل منه آخر؟ وكم من رجل أعطي السرعة في القراءة ولم ينلها الآخر.

فمن أطاق كثرة العبادة والقراءة وقيام الليل ونحو ذلك من دون حصول ملل يجوز له ذلك، بالأحاديث السابقة، ومن حصل له ملل أو عرض له خلل لزم له ترك ذلك. فالحكم بأن الزيادة على ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلقاً غير جائزة: خطأ فاحش.

ثم شرع الإمام اللكنوي رحمه الله في المقصد الثاني وهو في دفع الشبهات الواردة على المجاهدات وذكر عبارات العلماء في جواز التشدد، بالشروط العديدة فقال: "اعلم أنه قد ورد بعض الأخبار في المنع عن التشدد في العبادة، فظن منها الظانون أنه منهي عنه مطلقاً، ولم يتأملوا ما هو مورد النهي وما ليس بمورد النهي.

وساق عدداً من هذه الأخبار ثم أجاب عنها بما مضمونه:

- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع من كثرة الصلاة بل أجاز العمل بحسب الطاقة وإلى أن لا يسأم العامل فيترك العمل.

- أو أنه نهى من علم من حاله أنه لا يتمكن من الدوام على ما التزمه فهذه إلى سبيل الرخصة وعلله بأن لنفسه عليه حقاً، ولأهله عليه حقاً، وبأنه إذا فعل ذلك ضعفت عينه، ونهك بدنه (١)، فدل ذلك على أن الجهاد (٢) بحيث يورث ملال الخاطر وكسله، أو يخل بشيء من الحقوق الشرعية: ممنوع عنه (٣). ولا دلالة له على منعه مطلقاً.


٢٠٣١ - البخاري (٣/ ٣٦) ١٩ - كتاب التهجد، ١٨ - باب ما يكره من التشديد في العباد.
(١) أي ضعف.
(٢) أي الاجتهاد في العبادة.
(٣) أي منهي عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>