للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: والله إني أظن لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم عمر على ذلك، وأمر أُبي بن كعب أن يقوم لهم في رمضان. فخرج عمر عليهم والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعم البدعة هي، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون- يريد آخر الليل- فكان الناس يقومون أوله، وكانوا يلعنون الكفرة في النصف: اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، والق عليهم رجزك وعذابك إله الحق، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير ثم يستغفر للمؤمنين، قال: وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي، واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته: اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، ونرجو رحمتك ربنا، ونخاف عذابك الجد، إن عذابك لمن عاديت ملحق، ثم يكبر ويهوي ساجداً".

أقول: إن أهل الحرمين في عصرنا يصلون التراويح عشرين ركعة بعد فريضة العشاء وراتبتها مباشرة، ويصلون بعدها الوتر ويقرؤون في التراويح جزءاً من القرآن في كل ليلة، وبعد النصف من رمضان يصلون التهجد بعد منتصف الليل فيقرؤون في تهجدهم كل ليلة جزئين من القرآن. وظاهر من النصين اللذين مرا معنا أن أهل الحرمين يراعون ما جاء فيهما من الإشارة إلى التهجد في النص الأول، ومن ذك النصف في النص الثاني، وفي النص الثاني إشارة إلى صيغة القنوت التي كانوا يقنتون بها في الوتر وهي قريبة من الصيغة التي يقنت بها الحنفية والمالكية في الوتر، وقد علق البغوي في شرح السنة على حديث عبد الرحمن بن عبد القاري بما يلي:

قوله: (أوزاع) أي: جماعات متفرقة لا واحد لها من لفظها، يقال: وزعت الشيء بينهم، أي: فرقته وقسمته.

وقوله: (نعمت البدعة هذه) إنما دعاه بدعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها، ولا كانت في زمن أبي بكر، وأثنى عليها بقوله: (نعم) ليدل على فضلها، ولئلا يمنع هذا اللقب من فعلها، ويقال: (نعم) كلمة تجمع المحاسن كلها، (وبئس) كلمة تجمع المساوئ كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>