للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففرضت أربعاً، وتركت صلاة السفر على الفريضة الأولى" قال الزهري: "قلت لعروة: ما بال عائشة تتم؟ قال: تأولت كما تأول عثمان".

قال ابن الأثير (كما تأول عثمان) أراد بقوله: كما تأول عثمان، ما روي عنه رضي الله عنه أنه أتم الصلاة في السفر، وكان تأويله لذلك: أنه نوى الإقامة بمكة، فلذلك أتم.

أقول: وقد رأينا أن الحنفية يوجبون القصر على من لم ينو الإقامة في مكان واحد خمسة عشر يوماً، وأن المالكية والشافعية يوجبون الإتمام إذا نوى الإنسان الإقامة أربعة أيام سوى يومي الدخول والخروج وأن الحنابلة يوجبون الإتمام على من نوى الإقامة أربعة أيام مع الدخول والخروج فما فعله عثمان وعائشة رضي الله عنهما أصل لمن أجاز الإتمام في كل حال، وأصل لمن يرى طول المدة لتحقيق معنى الإقامة التي يجب الإتمام فيها.

قال ابن حجر (٢/ ٥٧٠):

قوله (تأولت ما تأول عثمان) هذا فيه رد على من زعم أن عثمان إنما أتم لكونه تأهل بمكة، أو لأنه أمير المؤمنين وكل موضع له دار، أو لأنه عزم على الإقامة بمكة، أو لأنه استجد له أرضاً بمنى، أو لأنه كان يسبق الناس إلى مكة، لأن جميع ذلك منتف في حق عائشة وأكثره لا دليل عليه بل هي ظنون ممن قالها، ويرد الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر بزوجاته وقصر، والثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى بذلك، والثالث أن الإقامة بمكة على المهاجرين حرام والرابع والخامس لم ينقلا فلا يكفي التخرص في ذلك، والأول وإن كان نقل من حديث عثمان [مرفوعاً] (من تأهل ببلدة فإنه يصلي صلاة مقيم) [أخرجه أحمد والبيهقي].

فهذا الحديث لا يصح لأنه منقطع، وفي رواته من لا يحتج به، ويرده قول عروة: إن عائشة تأولت ما تأول عثمان، ولا جائز أن تتأهل عائشة أصلاً فدل على وهن ذلك الخبر. ثم ظهر لي أنه يمكن أن يكون مراد عروة بقوله (كما تأول عثمان) التشبيه بعثمان في الإتمام بتأويل لا اتحاد تأويلهما. ا. هـ.

ثم ذكر ابن حجر ما نقلناه عنه قبل قليل أن عثمان أتم لأنه كان يرى القصر مختصاً بمن

<<  <  ج: ص:  >  >>