للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بحث ابن بطال في ذلك في "باب صلاة الخوف". وقال ابن القيم في الهدي ما حاصله: كل من الفريقين مأجور بقصده، إلا أن من صلى حاز الفضيلتين: امتثال الأمر في الإسراع، وامتثال الأمر في المحافظة على الوقت ولا سيما ما في هذه الصلاة بعينها من الحث على المحافظة عليها وأن من فاتته حبط عمله، وإنما لم يعنف الذين أخروها لقيام عذرهم في التمسك بظاهر الأمر، ولأنهم اجتهدوا فأخروا لامتثالهم الأمر. لكنهم لم يصلوا إلى أن يكون اجتهادهم أصوب من اجتهاد الطائفة الأخرى. وأما من احتج لمن أخر بأن الصلاة حينئذ كانت تؤخر كما في الخندق وكان ذلك قبل صلاة الخوف، فليس بواضح، لاحتمال أن يكون التأخير في الخندق كان عن نسيان، وذلك بين في قوله صلى الله عليه وسلم لعمر لما قال له ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب، فقال: والله ما صليتها. لأنه لو كان ذاكراً لها لبادر إليها كما صنع عمر. انتهى.

[تعليقات]

أولاً: رأينا أنه مما ينبغي أن يدركه مسلمو عصرنا وهو شيء لا يفطن له الكثيرون، أنه متى دخلنا في السياسة دخلنا في الموازنات كأهون الشرين وأخف الضررين، ومتى دخلنا في الحرب والسياسة دخلنا في الفتوى الاستثنائية التي تلاحظ الزمان والمكان والأشخاص، على أن تكون هذه الفتوى صادرة من أهلها.

ثانياً: إنه وإن قال الجمهور أن ما حدث يوم الخندق منسوخ إلا أن لقول علماء الشام الذين ذكرهم الشوكاني وجهاً قوياً، فكل ما يفيده حديث أبي سعيد الخدري أن آية {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} جاءت بعد حادثة الخندق وهذا قد يفيد النسخ، وقد يحمل كل من النصلين على أنه يطبق في بعض الحالات القتالية.

ثالثاً: هناك حالات في عصرنا تضطر المسلمين إلى فتاوى مناسبة ومكافئة، ولعل ما ورد في صلاة الخوف، وفي حادثة الجمع بين الصلوات في المسير إلى بني قريظة، ويوم الخندق مما يجعلنا نستأنس لهذه الفتاوى التي يحتاج إليها العصر، فالتدريب على أنواع الأسلحة، والمناورات العسكرية لرفع المستوى القتالي، والتنفلات العسكرية في جيوش غير إسلامية قد لا تعطي فرصاً لإقامة الصلاة في وقتها أو على هيئتها، فالمسلم في هذه الحاجات الحرجة

<<  <  ج: ص:  >  >>