للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقمنا فصففنا كما يصف على الميت، وصلينا معه كما يصلى على الميت".

قال النووي: فيه إثبات الصلاة على الميت وأجمعوا على أنها فرض كفاية والصحيح عند أصحابنا أن فرضها يسقط بصلاة رجل واحد وقيل يشترط اثنان وقيل ثلاثة وقيل أربعة وفيه أن تكبيرات الجنازة أربع وهو مذهبنا ومذهب الجمهور وفيه دليل للشافعي وموافقيه في الصلاة على الميت الغائب وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لإعلامه بموت النجاشي وهو في الحبشة في اليوم الذي مات فيه وفيه استحباب الإعلام بالميت لا على صورة نعي الجاهلية بل مجرد إعلام الصلاة عليه وتشييعه وقضاء حقه في ذلك والذي جاء من النهي عن النعي ليس المراد به هذا وإنما المراد نعي الجاهلية المشتمل على ذكر المفاخر وغيرها وقد يحتج أبو حنيفة في أن صلاة الجنازة لا تفعل في المسجد بقوله خرج إلى المصلى ومذهبنا ومذهب الجمهور جوازها فيه ويحتج بحديث سهل بن بيضاء ويتأول هذا على أن الخروج إلى المصلى أبلغ في إظهار أمره المشتمل على هذه المعجزة- أي إبلاغهم بوفاة النجاشي. شرح مسلم (٧/ ٢١).

أقول: استدل من يقول بجواز الصلاة على الغائب بالصلاة على النجاشي رحمه الله، ومن ذهب إلى عدم جوازها اعتبر هذه الصلاة خاصة بالنجاشي.

وفي الصلاة على النجاشي رحمه الله شهادة منه صلى الله عليه وسلم بإسلام النجاشي، وهذا أصل عظيم من أصول النظام السياسي في الإسلام، فالنجاشي مسلم كان يحكم شعباً غير مسلم بغير الإسلام فهذا يدل على أن المشاركة في الحكم على أي مستوى يمكن أن تكون جائزة في بعض الصور بل قد تكون مفروضة ولو كانت المشاركة في نظام كفري، وفي قصة يوسف عليه السلام ما يدل على ذلك لقوله تعالى: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) (١)، فدل ذلك على أن شريعة المصريين حينذاك غير شريعة يوسف عليه السلام، ومع ذلك فقد طلب هو بنفسه أن يتولى الولاية التي وليها فيما بعد.


(١) يوسف: ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>