للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حصرها، وإذا نظرت إلى المكان الذي وجدت في هذه المعاني وهو جزيرة العرب، رأيت أن كثيراً من هذه المعاني القرآنية تدخل في باب الخوارق، وإذا نظرت إلى الزمان الذي نزل فيه هذا القرآن لوجدت استحالة أن توجد كثير من معاني القرآن في ذلك الزمان كما هي عليه في القرآن ولو تأملت ما حواه القرآن عن ماضي الإنسان لرأيت فيه من الخوارق الكثير، ولو تأملت ما ورد في القرآن مما كشفه النمو العلمي للإنسان لوجدت معجزات كثيرة. ولو أنك تأملت ما يسمى بالعلوم الإنسانية وعرضتها على القرآن لوجدت في ذلك كثيراً من الخوارق، ولو أنك تأملت ما انبثق عن القرآن من علوم تتوسع على مدى الزمان كالفقه مثلاً لرأيت كثيراً من الخوارق تدخل في باب المعجزات.

ولو نظرت إلى العلوم التي انبثقت عن علوم القرآن لرأيت خوارق كثيرة، ولو نظرت إلى قصور الفلسفة في مباحثها الثلاثة: المعرفة والوجد والقيم بالنسبة لهذا القرآن لرأيت خوارق كثيرة.

وهذا بعض ما في القرآن من معجزات فكيف إذا اجتمع لك مع هذا كله الحق والصدق في القرآن كله ودقة الوصف لما يعجز البشر عن أن يقولوا فيه إلا كلاماً متهافتاً وفي الكلام عن الله واليوم الآخر أعظم مثل على ذلك. ولهذا كله فإن الحديث عن معجزات القرآن واسع يحتاج الإنسان لكي يأخذ طرفاً منه أن يقرأ ما قاله المفسرون وأن يقرأ ما قاله المختصون في كثير من العلوم التي تعرض لها القرآن، وقد حاولنا في كتابنا "الأساس في التفسير" أن نعطي القارئ زاداً كثيراً في هذا الشأن، ولكن مع كثرة ما ذكرنا فإنه كُلٌّ من جُلٍّ ومن ذا الذي يحيط بمعجزات هذا القرآن الذي قال الله عز وجل فيه {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (١) وقال تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} (٢).

ونحن هنا نقتصر على ضرب أملة مما ذكره السابقون ومما يفتح الله عز وجل به:

أولاً: في عصرنا وجدت قوتان عظيمتان تتنافسان في الارتقاء في الأسباب، فتحاولان


(١) الفرقان: من ٦.
(٢) سبأ: من ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>