للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم" أخرجه الترمذي وغيره. وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود قال: من أراد العلم فعليه بالقرآن، فإن فيه خبر الأولين والآخرين. قال البيهقي: يعني أصول العلم.

وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: جميع ما تقوله الأمة شرح للسنة، وجميع السنة شرح للقرآن وقال أيضاً: جميع ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن. قلت: ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم "إن لا أحل إلا ما أحل الله، ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه" أخرجه بهذا اللفظ الشافعي في الأم. وقال سعيد بن جبير: ما بلغني حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله. وقال ابن مسعود. إذا حدثتكم بحديث أنبؤكم بتصديقه من كتاب الله تعالى. أخرجهما ابن أبي حاتم. وقال الشافعي أيضاً: ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها. فإن قيل: من الأحكام ما يثبت ابتداء بالسنة. قلنا: ذلك مأخوذ من كتاب الله في الحقيقة، لأن كتاب الله أوجب علينا اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وفرض علينا الأخذ بقوله.

وقال ابن برهان: ما قال النبي صلى الله عليه وسلم من شيء فهو في القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد، ففهمه من فهمه وعم عنه من عمه، وكذا كل ما حكم به أو قضى به، وإنما يدرك الطالب من ذلك بقدر اجتهاده وبذل وسعه ومقدار فهمه.

وقال ابن أبي الفضل المرسي في تفسيره: جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علماً حقيقة إلا المتكلم بها، ثم رسل الله صلى الله عليه وسلم خلا ما استأثر به سبحانه وتعالى، ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى، ثم ورث عنهم التابعون بإحسان، ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم تضاءل أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه، فنوعوا علومه وقامت كل طائفة بفن من فنونه، فاعتنى قوم بضبط لغاته وتحرير كلماته ومعرفة مخارج حروفه وعددها وعدد كلماته وآياته وسوره وأحزابه وأنصافه وأرباعه وعدد سجداته والتعليم عند كل عشر آيات، إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة والآيات المتماثلة من غير تعرض لمعانيه ولا تدبر لما أودع فيه، فسموا القراء واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال والحروف العاملة

<<  <  ج: ص:  >  >>