للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مقدمة]

كانت للعرب لهجات مختلفة وطرائق للأداء، واختصت بعض القبائل بكلمات للتعبير عن معنى فبعض القبائل كانت تلفظ حتى (عتى) وبعض القبائل كانت تلفظ أعطيناك: (أنيطناك) وبعض القبائل كانت تلفظ التابوت (التابوه) ومن المعروف أن من اعتاد على طريقة في الأداء وألفها ومرن عليها يصعب عليه أن يغيرها، وكان من حكمة الله عز وجل أنه أنزل القرآن على العرب بما يناسب ذلك تخفيفاً وتسهيلاً فتلقن الأصحاب رضي الله عنهم القرآن على هذه الأحرف السبعة بما وسع ما ألفوه وقتذاك من طرائق النطق في الأحرف والتعبير عن المعاني بكلماتهم التي اعتادوها، على أنه لا يعتبر قرآناً إلا ما تلقنوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يكون لأحد حرية الأداء والتعبير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهي ابتداءاً أن يكتب عنه غير القرآن ثم أذن، وفي حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مرحلة تأسيسية كان بعض الأحكام يتنزل مراعياً فيه تلك المرحلة، حتى إذا وجد الاستعداد للحكم الدائم تنزل الحكم الدائم ونسخ الأول، ومن هنا وجد المنسوخ من القرآن. وقد توفي رسول الله والقرآن كله مكتوب ولكنه لم يكن مجموعاً، وآخر عرضة للقرآن في المدارسة بين رسول الله صلى الله عليه سلم وبين جبريل كان يعرفها بعض الصحابة، ومن ههنا كان الترتيب التوقيفي للقرآن غير معروف لدى الجميع، وبقي بعض الصحابة يحفظ شيئاً مما نسخت تلاوته على أنه قرآن، وقام أبو بكر رضي الله عنه بتكليف من يجمع القرآن كتابة بما يتفق مع العرضة الأخيرة، ولم يلحظ في هذه الكتابة جمع الناس على رسم واحد للمصحف، وإنما لحظ فيه أن تجتمع الكتابة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والحفظ المتواتر عنه عليه الصلاة والسلام، ثم قام عثمان رضي الله عنه بتكليف عدد من الصحابة أن ينسخوا من هذا المصحف الإمام عدة نسخ ملاحظين في ذلك تواتر النقل وأن يجمعوا الناس على رسم واحد للمصحف يوافق لغة قريش وحدها، وأمر عثمان أن يحرق كل ما سوى ذلك فاستقر الأمر على رسم واحد وعلى ترتيب واحد واستقر الإجماع في المآل على هذا الرسم والترتيب، واستقرار الإجماع على ذلك يشير إلى أن الأمة اعتبرت أن ما سوى ذلك كان مرحلياً. وقد استقرت الأمة على اعتماد الرسم العثماني للمصحف واحتفظ القراء بما ورثوه من طرائق أداء ولهجات بما يتفق مع الرسم العثماني، ومن ههنا وجدت القراءات السبع والقراءات العشر، فهذه القراءات كلها متواترة عن رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>