للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[عرض إجمالي لموضوع التفسير]

إن كلمة تفسير القرآن كان لها من الهيبة والجلال والإجلال عند السلف الصالح ما ليس لها في عصرنا، لجرأة الناس على الإقدام على التفسير في مواعظهم وخطبهم وكتبهم دون أن يستشعروا خطورة الأمر الذي يقدمون عليه ودون أن يملكوا أدوات التفسير، وكما أن الناس في عصرنا تجرؤوا على مالا تنبغي الجرأة فيه، فإن كثيراً من المفسرين فيما مضى أدخلوا على أنواع من التفاسير طاماتٍ ما كان ينبغي لهم أن يجرؤوا عليها فعلم التفسير هو العلم الذي تخدمه كل العلوم: من علوم اللغة العربية إلى علوم القرآن والحديث إلى العلوم الكونية والاجتماعية والسياسية، وأول ذلك العلم المحيط بالسنة والعلم باتجاهات الراسخين في العلم من أئمة الهدى من أهل السنة والجماعة إنْ في العقائد أو في الفقه أو في دقائق علم القلب والأخلاق والسلوك وتزكية الأنفس، ولذلك كان العلماء قديماً لا يجيزون في التفسير إلا من أحاط علماً بهذه الأمور وغيرها. لقد وجدت علوم اللغة العربية وتوسعت من نحو إلى صرف إلى علوم البلاغة إلى فقه اللغة إلى صفات الحروف إلى غير ذلك، وكل ذلك لا يستغني عنه المفسر، وكان الصحابة أعرف الناس بأسباب النزول، وبعلم الناسخ والمنسوخ، وبالأحرف السبعة، وورثت الأمة هذه العلوم كما ورثت علم فضائل القرآن وآدابه وأحكامه، وفقه آيات أحكام ومحل السنة بالنسبة له، ووجد المختصون بعلم أصول الفقه وعلم أصول العقائد ليضعوا كل شيء في محله، والمفسر لا يستغني عن ذلك كله ليستطيع أن يضع كل نص في محله بالنسبة لمجموع النصوص القرآنية، ويستطيع أن يعرف دقائق المعاني، وليكون قادراً في النهاية على إبراز ما في هذا القرآن من إعجاز ومعجزات وخصائص وصفات.

ومن المؤسف العجيب أنه وجد في عصرنا من لا يعطي من توافرت فيه هذه الشروط ثقته واحترامه، ويعطي لمن لم تتوافر فيه هذه الشروط ثقته واحترامه، وما ذلك إلا لعدم الرسوخ في العلم.

لقد رأينا مثلاً أناساً لا يعتبرون لعلوم البلاغة محلاً في فهم القرآن، وكأن القرآن لم ينزل على أساليب العرب في الخطاب، وكأن علوم البلاغة ليست كعلوم النحو والصرف اللذين

<<  <  ج: ص:  >  >>