للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جاع، أتى القِنْوَ، فضربه بعصاه، فسقط البُسْرُ والتمر، فيأكل، وكان ناسٌ ممن لا يرغب في الخير، يأتي الرجل بالقنو فيه الشيصُ والحشفُ، وبالقنو قد انكسر، فيعلقه، فأنزل الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} قال: لو أن أحدكم أُهدي إليه مثل ما أعطى، لم يأخذه إلا على إغماض أو حياءٍ، قال: فكنا بعد ذلك يأتي أحدُنا بصالح ما عنده".

٢٥٥٤ - * روى الترمذي عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن للشيطان لمةً بابن آدم، وللملكِ لمَّة، فأما لمةُ الشيطان، فإيعادٌ بالشرِّ، وتكذيبٌ بالحق، وأما لمةُ الملكِ، فإيعادٌ بالخير، وتصديقٌ بالحق، فمن وجد ذلك، فليعلم أنه من الله، فيحمد الله، ومن وجد الأخرى، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} (١).

أقول: هذا النص أصل فيما يذكره أهل القلوب مما يرد على القلب، فيقسمون ذلك أربعة أقسام، وسوسة الشيطان، ووارد الملك، وهاجس النفس، والإلهام الرباني، ولكل علاماته عند أهل القلوب ومن كان قلبه سليماً وطعامه حلالاً سهُلَ عليه أن يميز ما يلقى في قلبه.


= (الإغماض): المسامحة والمساهلة، يقول في البيع: أغمض لي: إذا استزدته في البيع واستحططته في الثمن.
(الشيص): الرديء من البسر.
٢٥٥٤ - الترمذي (٥/ ٢١٩، ٢٢٠) ٥ - كتاب تفسير القرآن، ٣ - باب "ومن سورة البقرة" وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
ابن حبان (٢/ ١٧١) ذكر الأمر للمسلم أن يسأل ربه جل وعلا التآلف بين المسلمين وإصلاح ذات بينهم.
وفي سنده عطاء بن السائب، وقد رمى بالاختلاط في آخر عمره فمن سمع منه قديماً فحديثه صحيح، وقد استظهر الشيخ أحمد شاكر رحمه الله من مجموع كلام أئمة الجرح والتعديل أن اختلاطه كان حين قدم البصرة، وعطاء كوفي، والراوي عنه في ذا الحديث أبو الأحوص كوفي أيضاً، فالظاهر أنه سمع منه قبل الاختلاط. (م) هذا وقد ضعف الحديث بعض العلماء.
(اللمة): المرة الواحدة من الإلمام، وهو القرب من الشيء، والمراد بها: الهمةُ اليت تقع في القلب من فعل الخير والشر والعزم عليه.
(١) البقرة: ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>