للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعناقهم حتى كاد يكون بين الأوس والخزرج شر في المسجد، وما علمتُ، فلما كان مساء ذلك اليوم خرجت لبعض حاجتي ومعي أم مسطحٍ، فعثرتْ، فقالت: تعس مسطحٌ، فقلت لها: أي أمِّ، أتسبين ابنك؟ فسكتتْ، ثم عثرت الثانية، فقالت: تعس مسطحٌ، فقلت لها: أي أم، أتسبين ابنك؟ فسكتت، ثم عثرت الثالثة، فقالت: تعس مسطحٌ، فانتهرتها، فقالت: والله ما أسبه إلا فيك، فقلت: في أيِّ شأني؟ فذكرتْ -وفي رواية: فبقرتْ - لي الحديث، فقلت: وقد كان هذا؟ قالت: نعم والله، فرجعتُ إلى بيتي كأن الذي خرجت له لا أجد منه قليلاً ولا كثيراً، ووُعِكْتُ، وقلت لرسول الله صلى الله لعيه وسلم: أرسلني إلى بيت أمي، فأرسل معي الغلام، فدخلت الدار، فوجدت أم رومانٍ في أسفل البيت، وأبا بكر فوق البيت يقرأ، فقالت أمي: ما جاء بك يا بنيةُ؟ فأخبرتها، وذكرت لها الحديث، وإذا هو لم يبلغْ منها مثل ما بلغ مني، فقالت: أي بنيةُ، خفضي عليك الشأن، فإنه والله لقلما كانت امرأة حسناء عند رجلٍ يحبها لها ضرائر، إلا حسدنها، وقيل فيها، قلت: وقد علم به أبي؟ قالت: نعم، قلت: ورسول الله؟ قالت: نعم، ورسول الله، فاستعبرت وبكيت، فسمع أبو بكرٍ صوتي وو فوق البيت يقرأ فنزل. فقال لأمي: ما شأنها؟ فقالت: بلغها الذي ذُكر في شأنها، ففاضت عيناهُ. وقال: أقسمت عليك يا بُنية إلا رجعت إلى بيتك فرجعتُ، ولقد جاء رسول الله صلى الله لعيه وسلم بيتي، فسأل عني خادمي؟ فقالت: لا والله، ما علمت عليها عيباً، إلا أنها كانت ترقُد، حتى تدخل الشاة فتأكل خبزها أو عجينها - وفي رواية عجينها أو خميرها - شك هشام. فانتهرها بعض أصحابه، فقال: اصدقي رسول الله، حتى أسقطوا لها به، فقالت: سبحان الله! والله ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الحمر. وبلغ الأمر ذلك الرجل الذي قيل له، فقال: سبحان الله! والله ما كشفتُ كنف أنثى قط، قالت عائشة: فقتل شهيداً في سبيل الله، قالت: وأصبح أبواي عندي، فلم يزالا، حتى دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم (١)، وقد صلى العصر


(فبقرت) البقْر: الفتح والتوسعة والشقُّ، والمعنى: ففتحتْ لي الحديث وكشفته وأوضحتهُ.
(وايم الله) من ألفاظ القسم، وفيها لغات كثيرة.
(وأسقطوا لها به) اسقطوا به: أي قالوا لها السقط من القول، وهو الرديء، يريد: أنهم سبُّوها، وقوله "به" أي بسبب هذا المعنى: وهو الذي سُئلت عنه من أمر عائشة رضي الله عنها. فيكون المعنى: سبوها بهذا السبب. وقد رُوي هذا اللفظ على غير ما قلناه، والصحيح المحفوظ: إنما هو ما ذكرناه. والله أعلم.
(فقتل شهيداً في سبيل الله): في غزوة أرمينية سنة تسع عشرة. ... =

<<  <  ج: ص:  >  >>