للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال البيهقي: وأسلمها الإيمان بلا كيف، والسكوت عن المراد، إلا أن يرد ذلك عن الصادق، فيصار إليه. من الدليل على ذلك، اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب، فحينئذ التفويض أسلم.

وقال النووي: هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيه مذهبان مشهوران للعلماء: أحدهما، وهو مذهب جمهور السلف وبعض المتكلمين أنه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى. وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد. ولا يتكلم في تأويلها. مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق. والثاني مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف، أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها، فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين: أحدهما تأويل مالك بن أنس رضي الله عنه، وغيره، معناه تنزل رحمته وأمره أو ملائكته. كما يقال: فعل السلطان كذا، إذا فعله أتباعه بأمره. والثاني أنه على الاستعارة، ومعناه الإقبال على الداعين بالإجابة واللطف. انظر صحيح مسلم رقم ٧٥٨ والفتح (١٣/ ٤٦٤).

أقول: المراد من النص حث الإنسان على الدعاء في ذلك الوقت ونرجح من الأقوال الإثبات مع التنزيه أي نرجح مذهب البيهقي.

قال الحافظ: وفي حديث الباب من الفوائد: تفضيل صلاة آخر الليل على أوله، وتفضيل تأخير الوتر، لكن ذلك في حق من طمع أن ينتبه، وأن آخر الليل أفضل للدعاء والاستغفار، ويشهد له قوله تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} وأن الدعاء في ذلك الوقت مجاب، ولا يعترض على ذلك بتخلفه عن بعض الداعين، لأن سبب التخلف وقوع الخلل في شرط من شروط الدعاء، كالاحتراز في المطعم والمشرب والملبس، أو لاستعجال الداعي، أو بأن يكون الدعاء بإثم أو قطيعة رحم أو تحصل الإجابة ويتأخر وجود المطلوب لمصلحة العبد أو لأمر يريده الله.

٢٩٦٨ - *روى أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بقي ثلث الليل


٢٩٦٨ - أحمد (٢/ ٥٢١).
مجمع الزوائد (١٠/ ١٥٤) وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>